{وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى}[الأعلى: 4-5].
معاني المفردات:
{غُثَآءً}: الغثاء: ما يقذفه السيل على جانب الوادي من الحشيش والنبات.
{أَحْوَى}: أسود.
{وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} المتمثِّل في الخضرة الممتدّة في الأرض في سهلها وجبلها، في ما يرعاه الحيوان والإنسان، في العشب الأخضر الذي يبعث المتعة في العين وفي النّفس، وفي كلّ ألوان الخضرة التي تتنوّع في خصائصها الغذائيّة وألوانها المختلفة.
وهكذا تتجلّى قدرة الله في حركة الأرض الميتة الجرداء التي لا تنبض بأيّة حركةٍ وأيّ اهتزاز، فإذا بالمطر يمنحها حيويّة الاهتزاز عندما يتفاعل مع تربتها ومع البذور المتناثرة على سطحها وعمقها، فإذا بالحياة تدبّ فيها، وتثير فيها كلّ خيرٍ وجمالٍ وروعةٍ وإبداع...
{فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَى} فيتحوّل إلى أوراقٍ يابسةٍ وأغصان ذابلة، وتزول كلّ تلك الحيويّة النضرة في الألوان المتنوّعة، فإذا هو أميل إلى السواد، فهو أحوى.
ويبلغ التقدير الإلهي مداه في ذلك كلّه، لينتظر العودة إلى حركته في فصول جديدةٍ ورحلة جديدةٍ للنموّ والحياة الخضراء. وفي هذا إشارةٌ خفيّةٌ للتّدبير الإلهي في إبداع الإنسان في إخراجه إلى الحياة، ثمَّ في تحوّله إلى شيءٍ ميّتٍ، ثم إلى تراب، ثم تبدأ رحلة الحياة من جديد ولكن في عالم آخر.
السيد محمد حسين فضل الله
* من تفسير "من وحي القرآن"، ج 24