هل تسع مساحة الأرض لحشر جميع البشر؟!

السبت 2 فبراير 2019 - 12:34 بتوقيت غرينتش
هل تسع مساحة الأرض لحشر جميع البشر؟!

مفاهيم قرآنية – الكوثر: لقد شغلت هذه المعضلة أذهان الكثيرين أيضاً، وهي إذا كان المعاد يتحقّق بالجسم‏، ويشمل جميع البشر الذين وطأوا الأرض منذ ظهور الحياة عليها حتى‏ نهايتها، فلن تسعهم مساحة سطح الأرض.

الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

 

إنّنا إذا تمكنّا من حلّ جميع المعضلات في مجال المعاد الجسماني، فسوف تبقى‏ معضلة شحّة المكان على‏ قوتها، وذلك لأنّ بعض المناطق من الكرة الأرضية تضيق حالياً من تحمل سكانها الذين يعيشون عليها، وقد حذّر الخبراء المتخصّصون من مغبّة استمرار النمو السكاني على‏ هذا السياق، وقالوا : إنّ تزايد السكان إذا ما استمرّ على‏ هذا المنوال، فسوف تضيق الأرض بسكّانها خلال فترة وجيزة.

 

وهنا يُطرح هذا السؤال: ماذا سيحدث إذا بُعث جميع البشر السّابقين واللاحقين على‏ هذه الكرة الأرضية؟!

 

فلو كان المعاد يتحقق بالروح فقط، فإننا لن نواجه مثل هذه المعضلة من ناحية المكان، لأنّ الأرواح غير متميّزة، فهي لا تحتاج إلى‏ مكان ولا تتميّز بمكان.

 

يأتي الجواب عن هذه الشبهات كالتالي:

 

لقد فات الذين طرحوا هذا الإشكال، أنّ القرآن قد صرّح في آياته المختصّة بالمعاد، بأنّ المعاد لا يتحقق على‏ الكرة الأرضية بصورتها الحالية، بل سوف تتبدّل بغيرها، قال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْارْضُ غَيْرَ الارضِ وَالسَّموَاتُ}(إبراهيم/ 48).

 

وجاء في القرآن أيضاً، أنّ عَرض الجنّة يسع السماوات والأرض، قال تعالى‏ : {سَابِقُوا الَى‏ مَغْفِرَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرضِ السَمَاءِ وَالارضِ}(الحديد/ 21).

 

يستفاد من هذه الآيات، وعدد من الآيات الاخرى‏، أنَّ هنالك احتمالين :

 

وهما: إمّا أن تتسع الأرض ويصبح حجمها بحجم السماوات والأرض، فتضم فيها الجنّة والنار وجميع البشر، وإمّا أن ينتقل النّاس يوم القيامة من الكرة الأرضيّة إلى‏ مكان آخر.

 

وفي كلتا الحالتين، ترتفع مشكلة شحّة المكان في مجال المعاد الجسماني لجميع البشر، ولا تبقى‏ هناك مشكلة في إسكان أهل الجنّة وأهل النّار... هذه المشكلة التي شغلت أذهان «ذوي اللّجاج والعناد»!.

 

*من كتاب "نفحات القرآن"، ج 5.