القرآن ينتقد الجمهور الأمّي من اليهود بأنهم لا يعرفون عن التوراة إلا أوهاماً وأمنيات (مثل جمهور المسلمين اليوم) فإذا سألته ماذا تقول التوراة؟ لا يعرف شيئاً وربما تصوّر لنفسه أنّ في التوراة كذا وكذا من أمور لا وجود لها في التوراة أبدا! كما أنّ هناك مفاهيم موجودة فعلاً في التوراة وهو لا يعلم بها!
ثم ينقل (ع) عن الإمام الصادق (ع) بأنّ شخصاً سأله بأنه ما ذنب عوامّ اليهود حيث يذمّهم القرآن؟ فإنّ القرآن بنفسه يصرّح أنّ علماءهم هم الذين أضلّوهم عن الطريق فالذم يتوجّه للعلماء!
فأجاب الإمام إجابة مفصلة منها أنّه ليس كذلك فإنّ العوامّ يُعذَرون في بعض المسائل التي لا علم لهم بها لكن هناك قضايا لا تحتاج إلى دراسة وإنما يفهمها قلب الإنسان بفطرته ثم ذكر الإمام (ع) مثالاً طريفاً فقال:
«إنّ عوامّ اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح وبأكل الحرام والرشاء وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات وعرفوهم بالتعصب الشديد...وعرفوهم يقارفون المحرمات
واضطرّوا بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدَّق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله فلذلك ذمّهم لمّا قلّدوا مَن قد عرفوه ...
وكذلك عوامّ أمّتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها فمن قلّد من عوامّنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم...»
المفكر الشهيد المطهري، الفطرة، وعشر محاضرات.