السؤال: ما مدى صحة حادثة شق الصدر التي روي أنها حصلت للنبي صلى الله عليه وآله وما دلالتها إن كانت صحيحة ؟
الجواب: الحديث ورد عن العامة، ولم يرد من طرقنا، فقد ذكره أنس بن مالك قال: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه جبرائيل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه ثم أعاده في مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه – يعني ظئره – فقالوا: إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.
وهذا الحديث من الأحاديث الغريبة وقد أخرجه البخاري ومسلم في كتابيهما وتبعهما أكثر المؤرخين، إذ ذكروه في كتبهم والمفسرون اعتمدوا أحاديث الصحيحين فذكروا هذه الأسطورة في تفاسيرهم عندما جاءوا على تفسير قوله تعالى: (( أَلَم نَشرَح لَكَ صَدرَكَ )) (الشرح :1) – ويمكن مناقشة الحديث في جهات عدة :
1- اضطرب في تعيين عمر النبي (صلى الله عليه وآله) والزمان الذي فيه القصة .. ففي بعض طرق الحديث أنه كان في زمان طفولية النبي (صلى الله عليه وآله) عندما كان يلعب مع الغلمان، وفي طرق أخرى أن ذلك حدث بعد البعثة، وفور ذلك عرج به جبرئيل إلى سماء الدنيا .
2- يوجد اختلاف كبير في الأحاديث التي تعيّن محل وقوع الحدث، فبعض الأحاديث تروي أن الحدث وقع في مسجد الحرام، وروايات أخرى تقول بأن الواقعة حدثت في الصحراء، وأخرى تقول: بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان في بيته فانشق عليه سقف الدار.
3- إن قصة شق الصدر بناءً على رواية أنس إذا قورنت وقيست بموضوع عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) تبدو غير مقبولة، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وآله) منزه عن الأرجاس الشيطانية، فإبليس ليس له حظ في النفوذ إلى قلب النبي (صلى الله عليه وآله) حتى تكون العلة في شق صدره واستخراج ما كان في قلبه من حظ الشيطان.
4- الشر خصلة نفسانية وليس غدة مترشحة في الجسم البشري حتى يفتقر التخلص منه إلى إزالتها .