خطبة النبي(ص) الأخيرة.. مواعظ تقشعر منها الجلود

الأربعاء 7 نوفمبر 2018 - 07:54 بتوقيت غرينتش
خطبة النبي(ص) الأخيرة.. مواعظ تقشعر منها الجلود

اسلاميات – الكوثر: آخر خطبة لرسول الله صلى الله عليه وآله قبل رحيله إلى الرفيق الأعلى.

 

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وعبد الله بن عباس قالا: خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل وفاته وهي آخر خطبة خطبها بالمدينة حتى لحق بالله تعالى، فوعظ بمواعظ ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب واقشعرت منها الجلود وتقلقلت منها الأحشاء. أمر بلالا فنادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى ارتقى المنبر فقال:

 

«يا أيها الناس، أدنوا وأوسعوا لمن خلفكم» قالها ثلاث مرات، فدنا الناس وانضم بعضهم إلى بعض فالتفتوا فلم يروا خلفهم أحدا ثم قال: «يا أيها الناس، ادنوا ووسعوا لمن خلفكم» فقال رجل يا رسول الله لمن نوسع؟ قال: «للملائكة» فقال: «إنهم إذا كانوا معكم لم يكونوا من بين أيديكم ولا من خلفكم ولكن يكونوا عن أيمانكم وعن شمائلكم» فقال رجل يا رسول الله لم لا يكونون من بين أيدينا ولا من خلفنا أمن فضلنا عليهم أم فضلهم علينا؟ قال: «أنتم أفضل من الملائكة اجلس» فجلس الرجل، فخطب رسول الله فقال:

 

«الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا (من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له) أيها الناس، إنه كائن في هذه الأمة ثلاثون كذابا أول من يكون منهم صاحب صنعاء وصاحب اليمامة، يا أيها الناس، إنه من لقى الله عزوجل يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا لم يخلط معها غيرها دخل الجنة».

 

فقام علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي كيف يقول مخلصا لا يخلط معها غيرها فسر لنا هذا نعرفه؟

 

فقال: «نعم حرصا على الدنيا وجمعها من غير حلها ورضى بها، وأقوام يقولون أقاويل الأخيار ويعملون عمل الجبابرة والفجار، فمن لقي الله وليس فيه شيء من هذه الخصال وهو يقول لا إله إلا الله فله الجنة،

 

فإن أخذ الدنيا وترك الآخرة فله النار،

 

ومن تولى خصومة ظالم أو أعانه عليها، نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنة الله ونار جهنم خالدا فيها وبئس المصير،

 

ومن خف لسلطان جائر كان قرينه في النار،

 

ومن دل سلطانا على الجور قرن مع هامان وكان هو والسلطان من أشد أهل النار عذابا،

 

ومن عظم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه وكان في درجته مع قارون في الباب الأسفل،

 

ومن بنى بيتا رياء وسمعة حمله يوم القيامة إلى سبع أرضين ثم يطوقه نارا يوقد في عنقه ثم يرمى به في النار».

 

فقلنا: يا رسول الله كيف يبني رياء وسمعة؟ قال: «يبني فضلا على ما يكفيه أو يبني مباهاتا،

 

ومن ظلم أجيرا أجره أحبط الله عمله وحرم عليه ريح الجنة وريحها يوجد من خمسمائة عام،

 

ومن خان جاره شبرا من الأرض طوقه الله تعالى يوم القيامة إلى سبع أرضين نار حتى يدخله جهنم،

 

ومن تعلم القرآن ثم نسيه متعمدا لقي الله يوم القيامة مجذوما ومغلولا ويسلط الله عليه بكل آية حية موكلة به،

 

ومن تعلم القرآن فلم يعمل به وآثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب سخط الله تعالى وكان في الدرجة مع اليهود والنصارى الذين ينبذون كتاب الله وراء ظهورهم،

 

ومن نكح امرأة حراما في دبرها أو رجلا أو غلاما حشره الله تعالى يوم القيامة أنتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل جهنم ولا يقبل الله منه صدقا ولا عدلا وأحبط الله عمله ويدعه في تابوت مشدودا بمسامير من حديد ويضرب عليه في التابوت بصفايحه حتى يبشك في تلك المسامير فلو وضع عرق من عروقه على أربعمائة أمة لماتوا جميعا وهو من أشد الناس عذابا،

 

ومن زنى بامرأة يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو مسلمة أو أمة أو من كانت من الناس فتح الله عليه في قبره ثلاثمائة ألف باب من النار تخرج منها حياة وعقارب وشهب من نار فهو يحرق إلى يوم القيامة حتى يؤمر به إلى النار ويتأذى الناس من نتن فرجه فيعرف إلى يوم القيامة حتى يؤمر به إلى النار فيأذي به أهل الجمع مع ما هم فيه من شدة العذاب لأن الله حرم المحارم وما أحد أغير من الله تعالى ومن غيرته أنه حرم الفواحش وحد الحدود،

 

ومن اطلع في بيت جاره فنظر إلى عورة رجل أو شعر امرأة أو شيء من جسدها كان حقا على الله أن يدخله النار مع المنافقين الذين كانوا يبتغون عورات الناس في الدنيا ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ويبدي للناس عورته في الآخرة،

 

ومن سخط برزقه وبث شكواه ولم يصبر لم يرفع له إلى الله حسنة ولقي الله تعالى وهو عليه غضبان،

 

ومن لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به قبره من شفير جهنم يتجلجل فيها ما دامت السماوات والأرض فيه وإن قارون لبس حلة فاختال فيها فخسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة،

 

ومن نكح امرأة حلالا بمال حلال غير أنه أراد بها فخرا أو رياء لم يزده الله بذلك إلا ذلا وهوانا وأقامه الله بقدر ما استمتع منها على شفير جهنم ثم يهوى فيها سبعين خريفا،

 

ومن ظلم امرأة مهرها فهو عند الله زان ويقول الله له يوم القيامة عبدي زوجتك أمتي علي عهدي فلم تف لي بالعهد فيتولى الله عزوجل طلب حقها فيستوجب حسناته كلها فلا يفي بحقها فيؤمر به إلى النار،

 

ومن رجع عن شهادته وكتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق ويدخله النار وهو يلوك لسانه،

 

ومن كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما القسمة من نفسه وماله جاء يوم القيامة مغلولا مايلا شفته حتى يدخل النار،

 

ومن كان مؤذيا لجاره من غير حق حرمه الله ريح الجنة ومأواه النار ألا وان الله يسأل الرجل عن حق جاره ومن ضيع حق جاره فليس منا،

 

ومن أهان فقيرا مسلما من أجل فقره واستخف به فقد استخف بحق الله ولم يزل في مقت الله وسخطه حتى يرضيه،

 

ومن أكرم فقيرا مسلما لقي الله يوم القيامة وهو يضحك إليه،

 

ومن عرضت له دنيا وآخرة فاختار الدنيا على الآخرة لقي الله تعالى وليست له حسنة يتقى بها النار، ومن أخذ الآخرة وترك الدنيا لقي الله يوم القيامة وهو راض عنه،

 

ومن قدر على امرأة أو جارية حراما فتركها مخافة الله حرم الله عليه النار وآمنه الله تعالى من الفزع الأكبر ودخول النار وأدخله الله الجنة وإن أصابها حراما حرم الله عليه الجنة وأدخله النار،

 

ومن اكتسب مالا حراما لم يقبل الله منه صدقة ولا عتقا ولا حجا ولا اعتمارا وكتب الله بعدد أجزاء ذلك أوزارا وما بقي منه بعد موته كان زاده إلى النار، ومن قدر عليها وتركها مخافة الله كان في محبة الله ورحمته ويؤمر به إلى الجنة،

 

ومن صافح امرأة حراما جاء يوم القيامة مغلولا ثم يؤمر به إلى النار،

 

ومن فاكه امرأة لا يملكها حبس بكل كلمة كلمها في الدنيا ألف عام في النار والمرأة إذا طاوعت الرجل فالتزمها حراما أو قبلها أو باشرها حراما أو فاكهها وأصاب منها فاحشة فعليها من الوزر ما على الرجل فان غلبها على نفسها كان على الرجل وزرها،

 

ومن غش مسلما في بيع أو شراء فليس منا ويحشر مع اليهود يوم القيامة لأن من غش الناس فليس بمسلم،

 

ومن منع الماعون من جاره إذا احتاج إليه منعه الله فضله يوم القيامة ووكله إلى نفسه ومن وكل الله عزوجل نفسه هلك ولا يقبل الله صلاته ولا حسناته ولا من عمله حتى يعينه ويرضيه وإن صام الدهر وقام الليل واعتق الرقاب وأتى الزكاة وأنفق الأموال في سبيل الله وكان أول من يرد النار».

 

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله: «وعلى الرجل مثل ذلك الوزر والعذاب إذا كان لها مؤذيا ظالما،

 

ومن لطم خد مسلم بدد الله عظامه يوم القيامة ثم سلط الله عليه النار وحشر مغلولا حتى يدخل النار،

 

ومن بات وفي قلبه غش لأخيه المسلم بات في سخط الله تعالى وأصبح كذلك وهو في سخط الله حتى يتوب ويرجع، وان مات كذلك مات على غير دين الاسلام».

 

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله: «ألا ومن غش مسلما فليس منا» قالها ثلاث مرات،

 

«ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعله الله حية طولها ستون ألف ذراع فتسلط عليه في نار جهنم خالدا فيها مخلدا،

 

ومن اغتاب أخاه المسلم بطل صومه وانتقض وضوءه فان مات وهو كذلك مات وهو مستحل لما حرم الله،

 

ومن مشى في نميمة بين اثنين سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة وإذا خرج من قبره سلط الله عليه (شجاعا) تنينا أسود ينهش لحمه حتى يدخل النار،

 

ومن كظم غيظه وعفى عن أخيه المسلم وحلم عن المسلم أعطاه الله تعالى أجر شهيد،

 

ومن بغى على فقير أو تطاول عليه واستحقره استحقره الله يوم القيامة مثل الذرة في صورة رجل حتى يدخل النار،

 

ومن رد عن أخيه غيبة سمعها في مجلس رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة فإن لم يرد عليه كان عليه وزره كوزر من اغتاب،

 

ومن رمى محصنا أو محصنة أحبط الله عمله وجلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه ومن خلفه وتنهش لحمه حياة وعقارب ثم يؤمر به إلى النار،

 

ومن شرب الخمر في الدنيا سقاه الله من سم الأفاعي ومن سم العقارب شربة يتساقط لحم وجهه في الاناء قبل أن يشربها يفسخ لحمه وجلده كالجيفة يتأذى به أهل الجمع حتى يؤمر به إلى النار، وشاربها وعاصرها ومعتصرها في النار، وبايعها ومبتاعها وحاملها والمحمول إليه وآكل ثمنها سواء في عارها وإثمها، ألا ومن سقاها يهوديا أو نصرانيا أو صابيا أو من كان من الناس، فعليه كوزر من شربها، ألا ومن باعها أو اشتراها لغيره لم يقبل الله تعالى منه صلاة ولا صياما ولا حجا ولا اعتمارا حتى يتوب منها وان مات قبل أن يتوب كان حقا على الله تعالى أن يسقيه بكل جرعة شراب منها في الدنيا شربة من صديد جهنم.

 

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله: «ألا وإن الله حرم الخمر بعينها والمسكر من كل شراب، ألا وكل مسكر حرام،

 

ومن أكل الربا أملا الله بطنه من نار جهنم بقدر ما أكل وإن اكتسب منه مالا لا يقبل الله تعالى منه شيئا من عمله ولم يزل في لعنة الله والملائكة ما كان عنده منه قيراط واحد،

 

ومن خان أمانته في الدنيا ولم يردها على أربابها مات على غير دين الاسلام ولقي الله تعالى وهو عليه غضبان فيؤمر به إلى النار فيهوى به في شفير جهنم أبد الآبدين،

 

ومن شهد شهادة زور على رجل مسلم أو ذمي أو من كان من الناس غلق بلسانه يوم القيامة وهو مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار،

 

ومن قال لخادمه أو مملوكه ومن كان من الناس لا لبيك ولا سعديك قال الله عزوجل له يوم القيامة لا لبيك ولا سعديك اجلس في النار،

 

ومن أضر بامرأة حتى تفتدي منه نفسها لم يرض الله تعالى له بعقوبة دون النار لأن الله تعالى يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم،

 

ومن سعى بأخيه إلى سلطان لم يبدله منه سوء ولا مكروه، أحبط الله عمله، فإن وصل إليه منه سوء أو مكروه أو أذى جعله الله في طبقة مع هامان في جهنم،

 

ومن قرأ القرآن يريد به السمعة والتماس شيء لقي الله تعالى يوم القيامة ووجهه مظلم ليس عليه لحم وزجه القرآن في قفاه حتى يدخله النار ويهوى فيها مع من يهوى،

 

ومن قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة أعمى فيقول رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا؟ قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى فيؤمر به إلى النار،

 

ومن اشترى خيانة وهو يعلم أنها خيانة فهو كمن خانها في عارها وإثمها،

 

ومن قاود بين رجل وامرأة حراما حرم الله عليه الجنة ومأواه جهنم وساءت مصيرا ولم يزل في سخط الله حتى يموت،

 

ومن غش أخاه المسلم نزع الله منه بركة رزقه وأفسد عليه معيشته ووكله إلى نفسه،

 

ومن اشترى سرقة وهو يعلم أنها سرقة فهو كمن سرقها في عارها وإثمها،

 

ومن خان مسلما فليس منا ولسنا منه في الدنيا والآخرة،

 

ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كمن أتاها، ومن سمع خبرا فأفشاه فهو كمن عمله،

 

ومن وصف امرأة لرجل وذكرها فافتتن بها الرجل فأصاب منها فاحشة، لم يخرج من الدنيا حتى يغضب الله عليه، ومن غضب الله عليه غضبت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وكان عليه من الوزر مثل الذي أصابها».

 

قيل يا رسول الله فإن تابا وأصلحا؟ قال: «يتوب الله تعالى عليهما ولم يقبل توبة الذي خطاها بعد الذي وصفها،

 

ومن ملا عينيه من امرأة حراما حشاهما الله تعالى يوم القيامة بمسامير من النار وحشاهما نارا حتى يقضي بين الناس ثم يؤمر به إلى النار،

 

ومن أطعم طعاما رياء وسمعة أطعمه الله تعالى مثله من صديد جهنم وجعل ذلك الطعام نارا في بطنه حتى يقضي بين الناس،

 

ومن فجر بامرأة ولها بعل تفجر من فرجهما من صديد واديا مسيرة خمسمائة عام يتأذى به أهل النار من نتن ريحهما وكانا من أشد الناس عذابا،

 

واشتد غضب الله على امرأة ذات بعل ملئت عينها من غير زوجها أو ذي محرم منها فإنها إن فعلت ذلك أحبط الله كل عمل عملته فإن أوطأت فراش غيره كان حقا على الله تعالى أن يحرقها بالنار بعد أن يعذبها في قبرها،

 

وأيما امرأة هزأت من زوجها لم تزل في لعنة الله وملائكته ورسله أجمعين حتى إذا نزل بها ملك الموت قال لها أبشري بالنار، وإذا كان يوم القيامة قيل لها ادخلي النار مع الداخلين،

 

ألا وان الله تعالى ورسوله بريئان من مختلعان بغير حق، ألا وإن الله عزوجل ورسوله بريئان ممن أضر بامرأة حتى تختلع منه،

 

ومن أم قوما بإذنهم وهم عنه راضون فاقتصد بهم في حضوره وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده وقيامه فله مثل أجرهم،

 

ومن أم قوما فلم يقصد بهم في حضوره وقراءته وركوعه وسجوده ردت عليه صلاته ولم تجاوز تراقيه وكانت منزلته عند الله تعالى كمنزلة إمام جائر معتد لم يصلح لرعيته ولم يقم فيهم بأمر الله عزوجل».

 

فقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي وما منزلة إمام جائر معتد لم يصلح لرعيته ولم يقم فيهم بأمر الله تعالى؟

 

قال: «هو رابع أربعة من أشد الناس عذابا يوم القيامة، إبليس وفرعون وقاتل النفس ورابعهم سلطان جاير،

 

ومن احتاج إليه أخوه في قرضه فلم يقرضه حرم الله عليه الجنة يوم يجزي المحسنين،

 

ومن صبر على سوء خلق امرأة واحتسبه أعطاه الله تعالى بكل مرة يصبر عليها من الثواب ما أعطى أيوب عليه‌السلام على بلائه وكان عليها من الوزر في كل يوم وليلة مثل رمل عالج، فإن ماتت قبل أن تعينه وقبل أن يرضى عنها، حشرت يوم القيامة منكوسة مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار،

 

ومن كانت له امرأة لم توافقه ولم تصبر على ما رزقه الله تعالى وشقت عليه وحملته ما لم يقدر عليه لم يقبل الله منها حسنة تتقي بها حر النار وغضب الله عليها ما دامت كذلك،

 

ومن أكرم أخاه فإنما يكرمه الله فما ظنكم بمن يكرمه الله أن يفعل به،

 

ومن تولى عرافة قوم ولم يحسن فيهم حبس على شفير جهنم بكل يوم ألف سنة وحشر ويده مغلولة إلى عنقه فإن كان قام فيهم بأمر الله تعالى أطلقه الله تعالى وإن كان ظالما لما هوى به في نار جهنم سبعين خريفا،

 

ومن لم يحكم بما أنزل الله كان كمن شهد شهادة زور ويقذف به في النار ويعذب بعذاب شاهد الزور،

 

ومن كان ذا وجهين ولسانين فهو في النار،

 

ومن مشى في صلح بين اثنين صلى الله عليه وملائكته حتى يرجع وأعطي أجر ليلة القدر،

 

ومن مشى في قطيعة بين اثنين كان له من الوزر بقدر ما لمن أصلح بين اثنين من الأجر مكتوب عليه لعنة الله حتى يدخل جهنم فيضاعف له العذاب،

 

ومن مشى في عون أخيه ومنفعته فله ثواب المجاهدين في سبيل الله،

 

ومن مشى في عيب أخيه وكشف عورته كان أول خطوة خطاها ووضعها في جهنم وكشف الله عورته على رؤس الخلايق،

 

ومن مشى إلى ذي قربة وذي رحم يسئل به أعطاه الله أجر مائة شهيد وإن سئل به ووصله بماله ونفسه جميعا رفع له أربعين ألف ألف درجة وكأنما عبد الله تعالى مائة سنة،

 

ومن مشى في فساد ما بينهما وقطيعة بينهما غضب الله تعالى عليه ولعنه في الدنيا والآخرة وكان عليه من الوزر كعدل قاطع الرحم،

 

ومن عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما زوجه الله ألف ألف امرأة من الحور العين كل امرأة في قصر من در وياقوت وكان له بكل خطوة خطاها في ذلك أو كلمة تكلم بها في ذلك عمل سنة قيام ليلها وصيام نهارها،

 

ومن عمل في فرقة بين امرأة وزوجها كان عليه غضب الله ولعنته في الدنيا والآخرة وكان حقا على الله تعالى ان يرضخه بألف صخرة من نار،

 

ومن مشى في فساد ما بينهما ولم يفرق كان في سخط الله ولعنته في الدنيا والآخرة وحرم الله النظر إلى وجهه،

 

ومن دل ضريرا إلى مسجده أو إلى منزله أو لحاجة من حوائجه فمشى فيها حتى يقضيها أعطاه الله تعالى براءتين براءة من النار وبراءة من النفاق وقضى له سبعين ألف حاجة في عاجل الدنيا ولم يزل يخوض في رحمة الله تعالى حتى يرجع،

 

ومن قام على مريض يوما وليلة بعثه الله تعالى مع إبراهيم الخليل عليه‌السلام فجاز على الصراط كالبرق اللامع، ومن سعى لمريض في حاجته فقضاها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

 

فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله وإن كان المريض من أهله؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله:

 

«من أعظم الناس أجرا من سعى في حاجة أهله، ومن ضيع أهله وقطع رحمه حرمه الله تعالى حسن الجزاء يوم يجزي المحسنين وضيعه، ومن ضيعه يضيعه الله تعالى في الآخرة فهو يرد مع الهالكين حتى يأتي بالمخرج ولما يأت به،

 

ومن أقرض ملهوفا فأحسن طلبته استأنف العمل وأعطاه الله بكل درهم ألف قنطار من الجنة،

 

ومن فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا نظر الله إليه برحمته فنال بها الجنة وفرج الله عنه كربه في الدنيا والآخرة،

 

ومن مشى في إصلاح بين امرأة وزوجها أعطاه الله تعالى أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله حقا وكان له بكل خطوة يخطوها في ذلك عبادة سنة قيام ليلها وصيام نهارها،

 

ومن أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل أحد وجبال رضوي وطور سيناء حسنات، فإن رفق به في طلبه يعبر به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب،

 

ومن شكى إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرم الله عليه أجر المحسنين، ومن منع طالبا حاجته وهو قادر على قضائها فعليه مثل خطيئة عشار».

 

فقام إليه عوف بن مالك فقال: ما يبلغ خطيئة عشار يا رسول الله؟ فقال:

 

«على العشار كل يوم وليلة لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ومن يلعنه الله فلن تجد له نصيرا،

 

ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فمن به عليه حبط عمله وخاب سعيه»، ثم قال:

 

«ألا وإن الله عزوجل حرم على المنان والمختال والفتان ومدمن الخمر والحريص والجائر والعتل الزنيم الجنة،

 

ومن تصدق بصدقة على رجل مسكين كان له مثل أجره ولو تداولها أربعون ألف إنسان ثم وصلت إلى مسكين كان له أجرا كاملا وما عند الله خير وأبقى واتقوا وأحسنوا لو كنتم تعلمون،

 

ومن بنى مسجدا في الدنيا بنى الله له بكل شبر منه ـ أو قال بكل ذراع منه ـ مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضة ودر وياقوت وزمرد وفي كل مدينة ألف ألف قصر وفي كل قصر أربعون ألف ألف دار وفي كل دار أربعون ألف ألف بيت وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير على كل سرير زوجة من الحور العين وفي كل بيت أربعون ألف ألف وصيف وأربعون ألف ألف وصيفة وفي كل بيت أربعون ألف ألف مائدة على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة وفي كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام ويعطي الله وليه من القوة ما يأتي به الأزواج وعلى ذلك الطعام وذلك الشراب في يوم واحد،

 

ومن تولى أذان مسجد من مساجد الله فأذن فيه وهو يريد وجه الله تعالى أعطاه الله ثواب أربعين ألف ألف نبي وأربعين ألف ألف صديق وأربعين ألف ألف شهيد وأدخل في شفاعته الجنة أربعين ألف ألف أمة وفي كل أمة أربعون ألف ألف رجل وكان له في كل جنة من الجنان أربعون ألف ألف مدينة وفي كل مدينة أربعون ألف ألف قصر وفي كل قصر أربعون ألف ألف دار وفي كل دار أربعون ألف ألف بيت وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير وعلى كل سرير زوجة من الحور العين وفي كل بيت منها مثل الدنيا أربعون ألف ألف مرة بين يدي كل زوجة أربعون ألف ألف وصيف وأربعون ألف ألف وصيفة وفي كل بيت أربعون ألف ألف مائدة وعلى كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة وفي كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام لو نزل به الثقلان لأدخلهم في أدنى بيت من بيوتها ما شاء وأمن الطعام والشراب والطيب واللباس والثمار وألوان التحف والطرائف من الحلي والحلل كل بيت منها يكتفي بما فيه من هذه الأشياء عما في البيت الآخر،

 

فإذا أذن المؤذن فقال أشهد أن لا إله إلا الله اكتنفه أربعون ألف ألف ملك كلهم يصلون عليه ويستغفرون له وكان في ظل الله حتى يفرغ وكتب ثوابه أربعون ألف ألف ملك ثم صعدوا به إلى الله تعالى،

 

ومن مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات،

 

ومن حافظ على الجماعة حيث ما كان مر على الصراط كالبرق اللامع في أول زمرة مع السابقين ووجهه أضوء من القمر ليلة البدر وكان له بكل يوم وليلة يحافظ عليها ثواب شهيد،

 

ومن حافظ على الصف المقدم فيدرك التكبيرة الأولى ولا يؤذي فيه مؤمنا أعطاه الله من الأجر مثل ما للمؤمن وأعطاه الله في الجنة مثل ثواب المؤذن،

 

ومن بنى على ظهر الطريق مأوى لعابري سبيل بعثه الله يوم القيامة على تخت من در ووجهه يضيء لأهل الجنة نورا حتى يزاحم إبراهيم خليل الرحمن عليه‌السلام في قبته فيقول أهل الجمع هذا ملك من الملائكة لم ير مثله قط ودخل في شفاعته الجنة أربعون ألف ألف رجل،

 

ومن شفع لأخيه شفاعة طلبها منه نظر الله تعالى إليه وكان حقا على الله أن لا يعذبه أبدا فان هو شفع لأخيه من غير أن يطلبها كان له أجر سبعين شهيدا،

 

ومن صام شهر رمضان في إنصات وسكوت وكف سمعه وبصره وفرجه وجوارحه من الكذب والحرام والغيبة تقربا إلى الله تعالى قربه الله تعالى حتى يمس ركبتي إبراهيم الخليل عليه‌السلام،

 

ومن احتفر بئرا للماء حتى استنبط مائها فبذلها للمسلمين كان له كأجر من توضأ منها وصلى وكان له بعدد كل شعرة من شعر إنسان أو بهيمة أو سبع أو طائر عتق ألف رقبة ودخل يوم القيامة في شفاعته عدد النجوم حوض القدس».

 

قلنا: يا رسول الله ما حوض القدس؟ قال: «حوضي حوضي» ثلاث مرات،

 

ومن احتفر لمسلم قبرا محتسبا حرمه الله تعالى على النار وبوأه بيتا في الجنة وأورده حوضا فيه من الأباريق عدد النجوم عرضه ما بين إيلة وصنعاء،

 

ومن غسل ميتا فأدى فيه الأمانة كان له بكل شعرة عتق رقبة ورفع له به مائة درجة».

 

فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله كيف يؤدي فيه الأمانة؟ قال:

 

«يستر عورته ويستر شينه وان لم يستر عورته وشينه حبط أجره وكشف عورته في الدنيا والآخرة،

 

ومن صلى على الميت صلى عليه جبرئيل وسبعون ألف ألف ملك وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإن أقام عليه حتى يدفن وحث عليه من التراب انقلب من الجنازة وله بكل قدم من حيث شيعها حتى يرجع منزله قيراط من الأجر ـ والقيراط مثل جبل أحد ـ يكون في ميزانه من الاجر،

 

ومن ذرفت عيناه من خشية الله كان له بكل قطرة من دموعه مثل جبل أحد يكون في ميزانه وكان له من الأجر بكل قطرة عين من الجنة على جانبها وأبرز له من القصور والميادين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر،

 

ومن عاد مريضا فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله سبعون ألف ألف حسنة ومحى عنه سبعون ألف ألف سيئة ويرفع له سبعون ألف ألف درجة ووكل به سبعون ألف ألف ملك يعودونه في قبره ويستغفرون له إلى يوم القيامة،

 

ومن شيع جنازة فله بكل خطوة حتى يرجع إلى منزله مائة ألف ألف حسنة ويمحى عنه بكل قدم مائة ألف ألف سيئة ويرفع له مائة ألف ألف درجة، فإن صلى عليها صلى على جنازته مائة ألف ألف كلهم يستغفرون له حتى يبعث من قبره،

 

ومن خرج حاجا أو معتمرا فله بكل خطوة حتى يرجع مائة ألف ألف حسنة ويمحى عنه ألف ألف سيئة ويرفع له ألف ألف درجة وكان له عند ربه بكل درهم وبكل دينار ألف ألف دينار وبكل حسنة عملها في توجهه ذلك ألف ألف حسنة حتى يرجع وكان في ضمان الله تعالى، فإن توفاه أدخله الجنة وإن رجع رجع منصورا مغفورا له، فاغتنموا دعوته إذا قدم قبل أن يصيب الذنوب، فإن الله لا يرد دعاءه فإنه يشفع في مائة ألف ألف رجل يوم القيامة،

 

ومن خلف حاجا أو معتمرا في أهله بخير بعده كان له أجر كامل مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء،

 

ومن خرج مرابطا في سبيل الله تعالى أو مجاهدا فله بكل خطوة سبعمائة ألف حسنة ويمحى عنه سبعمائة ألف سيئة ويرفع له سبعمائة ألف درجة وكان في ضمان الله تعالى حتى يتوفاه بأي حتف كان كان شهيدا، فإن رجع رجع مغفورا له مستجابا دعاه،

 

ومن مشى زائرا لأخيه فله بكل خطوة حتى يرجع إلى منزله عتق مائة ألف رقبة ويرفع له مائة ألف درجة ويمحى عنه ألف سيئة ويكتب له مائة ألف حسنة، فقيل لأبي هريرة: أليس قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أعتق رقبة فهي فداء من النار؟ قال: ذلك كذلك.

 

قلنا: يا رسول الله قلت كذا وكذا؟ قال: «نعم ولكن يرفع له درجات عند الله في كنوز عرشه،

 

ومن قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وتفقها في الدين كان له من الثواب مثل جميع ما يعطى الملائكة والأنبياء والمرسلون،

 

ومن تعلم القرآن يريده رياء وسمعة ليماري به السفهاء ويباهي به العلماء ويطلب به الدنيا بدد الله عزوجل عظامه يوم القيامة ولم يكن في النار أشد عذابا منه وليس نوع من أنواع العذاب إلا ويعذب به من شدة غضب الله عليه وسخطه،

 

ومن تعلم القرآن وتواضع في العلم وعلم عباد الله وهو يريد ما عند الله لم يكن له في الجنة أعظم ثوابا منه ولا أعظم منزلة منه ولم يكن في الجنة منزلة ولا درجة رفيعة ولا نفيسة إلا كان له فيها أوفر النصيب وأشرف المنازل،

 

ألا وان العمل خير من العلم وملاك الدين الورع، ألا وأن العالم من يعمل بالعلم وإن كان قليل العمل،

 

ألا ولا تحقرن شيئا وان صغر في أعينكم فإنه لا صغيرة بصغيرة مع الاستغفار، ألا وان الله عزوجل سائلكم عن أعمالكم حتى مس أحدكم ثوب أخيه بإصبعه،

 

فاعلموا عباد الله ان العبد يبعث يوم القيامة على ما مات وقد خلق الله عزوجل الجنة والنار فمن اختار النار على الجنة انقلب بالخيبة ومن اختار الجنة فقد فاز وانقلب بالفوز لقول الله عزوجل (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز،

 

ألا وان ربي أمرني ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها اعتصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عزوجل،

 

ألا وان الله جل اسمه لم يدع مما يحبه إلا وقد بينه لعباده ولم يدع شيئا مما يكرهه إلا وقد بينه لعباده ونهاهم عنه ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، ألا وإن الله عزوجل لا يظلم ولا يجاوزه ظلم وهو بالمرصاد: ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى، من أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد،

 

يا أيها الناس، إنه قد كبر سني ودق عظمي وانهدم جسمي ونعيت إلى نفسي من ربي واقترب أجلي واشتد مني الشوق إلى لقاء ربي ولا أظن إلا وأن هذا آخر العهد مني ومنكم فما دمت حيا فقد تروني فإذا مت فالله خليفتي على كل مؤمن ومؤمنة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

 

فابتدر إليه رهط من الأنصار قبل أن ينزل وكلهم قالوا: يا رسول الله ونحن جعلنا الله فداك بأبي أنت وأمي ونفسي لك الفداء يا رسول الله من يقوم لهذه الشدائد وكيف العيش بعد هذا اليوم؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله: «وأنتم فداكم أبي وأمي اني قد نازلت ربي عزوجل في أمتي فقال لي باب التوبة مفتوح حتى ينفخ في الصور».

 

ثم أقبل علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: «إنه من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه، ثم قال وإن السنة لكثيرة من تاب قبل أن يموت بشهر تاب الله عليه ثم قال وإن الشهر لكثير من تاب قبل موته بجمعة تاب الله عليه ثم قال وجمعة كثيرة من تاب قبل أن يموت بيوم تاب الله عليه ثم قال ويوم كثير من تاب قبل أن يموت بساعة تاب الله عليه، ثم قال من تاب وقد بلغت نفسه هذه وأوفى بيده إلى حلقه تاب الله عزوجل عليه».

 

قال: ثم ترك فكانت آخر خطبة خطبها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى لحق بالله عزوجل.

 

المصدر: ثواب وعقاب الاعمال، ص280