ربما البعض يستغرب ذلك، ولكن ذلك الأستغراب سوف يزول عندما نعرف أننا أحياناً كثيرة نعبد غير الله، وإن كنا في اللسان نقول عكس ذلك.
فمن يجب أن نطيعة هو الله، هذا ما نقوله في لساننا، لكن ما نفعله إن اصطدمت طاعة الله مع طاعة من نحب، بغض النظر عن اسمه، سوف نضحي بطاعة الله ونختار طاعة المحبوب.
من يجب أن نخشاه هو الله، هذا ما نلهج به دائماً لكن الحقيقة أشد ما نخشاه هو غضب من نشعر أنه أقوى أو أعلى شأناً منا، بغض النظر عن اسمه، حتى وإن كانت الزوجة.
ومن يجب أن نثق به هو الله، هذا جوابنا إن سؤلنا، لكن الحقيقة نحن في جميع أمورنا نعتمد على غير الله في تحقيق ما نصبوا إليه، والدليل غضبنا عند عدم تحققه.
من يجب أن نسلم له أمرنا هو الله، هذا ما يقوله عقلنا، لكن تصرفاتنا تقول، نحن اعتمادنا على أشخاص نعتقد أنهم من يقررون كل شيء.
إن من يقسم الأرزاق هو الله، جميعنا يقول ذلك عند كل صباح، لكن أغلبنا يحتال في أخذ أرزاق غيره، وفي مختلف الأشكال، حتى وإن كان بسفك الدم.
من بيده الموت والحياة هو الله، هذا ما سمعناه وتعلمناه من ديننا، لكن لم نطبقه ونعتقد به في حياتنا، فنخشى الموت في كل تصرف نتصرفه، ونهرب منه هروب الشاة من الذئب.
فجميع ما ننسبه لله في اللسان من حب وخشية ويقين وايمان، في الحقيقه ننسبه إلى غير الله في تصرفاتنا. نعم نتمنى أن نكون أولئك الأشخاص الصالحين والمطيعين لله، لكن الأمنيات دائماً تختلف عن الحقيقة.
وإن تصفحنا التاريخ قليلاً سوف نجد الكثير من الحفظة للقرآن والمتفقهين بالدين وحتى المجاهدين في سبيل الله قد سقطوا في حب ملذات الدنيا وتركوا عباداتهم وجهادهم جانباً، وراحوا يلهثون خلف المحبوب الدنيوي، ورب العالمين يخبرنا أن هناك من يتخذ إلهه هواه.
لذلك فالآلهة متعددة، ربما تكون زوجة أو ابن أو سيارة أو حتى طير. فآلهتنا متعددة في العمل والتصرف، أما اللسان واحد.
خالد الناهي
110