كيف يدخل الإمام المهدي الى العراق.. وكيف يطهره من أتباع السفياني؟

الجمعة 21 سبتمبر 2018 - 07:48 بتوقيت غرينتش
كيف يدخل الإمام المهدي الى العراق.. وكيف يطهره من أتباع السفياني؟

والكوفة في هذا الحديث وأمثاله تعبير عن العراق ، ووجود ثلاث رايات فيه لابد أن يكون منها أنصاره الخراسانيون واليمانيون ، كما يدل الحديث التالي المستفيض في مصادر الشيعة والسنة..

الأحاديث في هذا الصدد كثيرة جداً في مصادر الجميع ، عن دخول المهدي عليه السلام إلى العراق ، وتحريره من بقايا قوات السفياني ، ومن مجموعات الخوارج المتعددة ، واتخاذه قاعدة دولته وعاصمتها .
ولم أجد تحديداً دقيقاً لوقت دخوله عليه السلام إلى العراق ، ولكن يأتي في حركة ظهوره عليه السلام أنه يكون بعد بضعة شهور من الظهور المقدس ، وبعد تحرير الحجاز ، وربما معركة الأهواز أو بيضاء إصطخر التي يهزم فيها قوات السفياني هزيمة ساحقة .
وتصف بعض الروايات دخوله الى العراق جواً بسرب من الطائرات كما في الحديث التالي عن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى :﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ (1)، قال: ينزل القائم يوم الرجفة بسبع قباب من نور لايعلم في أيها هو ، حتى ينزل ظهر الكوفة ).
وهذه الرواية بالإضافة إلى ما فيها من جانب إعجازي تدل على أن الوضع الأمني يستوجب من الإمام المهدي عليه السلام هذا الإحتياط ، فبالإضافة إلى معاداة الوضع العالمي له ، لا يكون قد أتم تطهير الساحة الداخلية في العراق .
وتعبير (ينزل) وبعده (حتى ينزل ظهر الكوفة ) يفهم منه أنه لاينزل الكوفة أو النجف رأساً ، فقد ينزل في العاصمة أولاً ، أو في قاعدة عسكرية ، أو في كربلاء ، كما تذكر بعض الروايات .

وتذكر الأحاديث عدداً كبيراً من أعماله عليه السلام في العراق ومعجزاته . ونذكر منها هنا مايتعلق بالوضع العام في العراق ، وأهم ذلك تصفيته عليه السلام لوضعه الداخلي والقضاء على القوى المضادة الكثيرة ، حيث تذكر الأحاديث أنه يدخل الكوفة ـ أي العراق ـ وفيه ثلاث اتجاهات متضاربة ، يبدو أنها الاتجاه المؤيد له عليه السلام ، والاتجاه المؤيد للسفياني والثالث اتجاه الخوارج .
فعن عمرو بن شمر عن الإمام الباقر عليه السلام قال ذكر المهدي عليه السلام فقال : ( يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له . ويدخل حتى يأتي المنبر فلا يدري الناس ما يقول من البكاء) .
والكوفة في هذا الحديث وأمثاله تعبير عن العراق ، ووجود ثلاث رايات فيه لابد أن يكون منها أنصاره الخراسانيون واليمانيون ، كما يدل الحديث التالي المستفيض في مصادر الشيعة والسنة عن أمير المؤمنين وعن الإمام الباقر عليهما السلام قال:( تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان( إلى ) الكوفة، فإذا ظهر المهدي بعثت له بالبيعة .
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال :(إن القائم يلقى في حربه ما لم يلق رسول الله صلى الله عليه وآله ، لأن رسول الله أتاهم وهم يعبدون الحجارة المنقورة الخشبة المنحوتة ، وأن القائم يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله ويقاتلونه عليه ).وقد رأينا كيف يتأول الحكام وعلماء السوء التابعين لهم آيات القرآن في معاداة الإسلام وعلمائه .
وتذكر بعض الأحاديث أن بطش الإمام المهدي عليه السلام يشمل المنافقين المتسترين الذين قد يكون بعضهم من حاشيته فيعرفهم بالنور الذي جعله الله تعالى في قلبه .

وتذكر بعض الأحاديث أن الأمر يصل أحياناً إلى إبادة فئة بكاملها ! فعن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( إذا قام القائم سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف أنفس يدعون البترية عليهم السلاح ، فيقولون له : إرجع من حيث جئت فلا حاجة لنا في بني فاطمة ، فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم . ثم يدخل الكوفة فيقتل كل منافق مرتاب ، ويقتل مقاتليها حتى يرضى الله عز وعلا .)
وتذكر الرواية التالية أنه يقتل سبعين رجلاً هم أصل الفتنة والإختلاف داخل الشيعة ، ويبدو أنهم من علماء السوء المضلين ، فعن مالك بن ضمرة قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( يامالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا ؟ وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض . فقلت يا أمير المؤمنين ما عند ذلك من خير . قال : الخير كله عند ذلك ، يا مالك عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلاً يكذبون على الله ورسوله فيقتلهم ، ثم يجمعهم الله على أمر واحد .

كما تدل الرواية التالية على بقاء أنصار للسفياني في العراق رغم آية الخسف التي ظهرت في جيشه بالحجاز ، ورغم هزيمته في العراق ، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام قال :(ثم يسير حتى ينتهي إلى القادسية ، وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني ).
وعن ابن أبي يعفور عن الإمام الصادق عليه السلام أن قال له : ( وإنه أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديث لاتتحملونه ، فتخرجون عليه برميلة الدسكرة فتقاتلونه فيقاتلكم فيقتلكم ، وهي آخر خارجة تكون) .
وتدل الروايات الشريفة على أن خوارج رميلة الدسكرة يكونون أخطر فئات الخوارج على المهدي عليه السلام ، وأن قائدهم يكون فرعوناً وشيطاناً .
فعن أبي بصير رحمه الله قال : ( ثم لا يلبث إلا قليلاً حتى تخرج عليه مارقة الموالي برميلة الدسكرة ، عشرة آلاف ، شعارهم يا عثمان يا عثمان . فيدعو رجلاً من الموالي فيقلده سيفه فيخرج إليهم فيقتلهم حتى لايبقى منهم أحد .

وقد حددت الرواية المتقدمة رميلة الدسكرة بأنها دسكرة الملك ، وهي كما في معجم البلدان قرية قرب شهرابان من قرى بعقوبة في محافظة ديالى .
ولا بد أن تثير هذه التصفيات موجة رعب في داخل العراق وفي العالم ، وموجة تشكيك أيضاً .
وبهذا العرض المجمل لمن يقتلهم المهدي عليه السلام في العراق ، يظهر أنهم فئات متعددة من الشيعة والسنة ، من مؤيدي السفياني ومعارضيه ، من علماء السوء والمجموعات والأحزاب وعامة الناس .
ومن الطبيعي أن يكون فيهم فئات عميلة للروم وغيرهم أيضاً .
ولكن بعد ذلك ، يتنفس العراق الصعداء في ظل سلطة الإمام المهدي عليه السلام ، ويدخل حياة جديدة في مركزه العالمي بوصفه عاصمة الإمام عليه السلام ومحط أنظار المسلمين ومقصد وفودهم . وتصبح الكوفة والسهلة والحيرة والنجف وكربلاء محلات لمدينة واحدة يتردد ذكرها على ألسنة شعوب العالم وفي قلوبهم ، ويقصدها القاصدون من أقاصي المعمورة ليلة الجمعة ، ويبكرون لأداء صلاة الجمعة خلف المهدي عليه السلام ، في مسجده العالمي ذي الألف باب فلا يكاد الواحد أن يحصل على موضع صلاة بين عشرات الملايين القاصدة .
فعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( دار ملكه الكوفة ، ومجلس حكمه جامعها ، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة . وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريين . والله لا يبقى مؤمن إلا كان بها أو حواليها ( وفي رواية أو يجئ إليها ، وفي رواية أخرى أو يحن إليها وهو الصحيح ) ولتصيرن الكوفة أربعة وخمسين ميلاً ، ولتجاورن قصورها قصور كربلاء ، وليصيرن الله كربلاء ، معقلاً ومقاماً تختلف إليه الملائكة والمؤمنون ، وليكونن لها شأن من الشأن .
و ( مجلس حكمه ) أي مجلسه للمراجعات والحكم بين الناس ، في مسجد الكوفة الفعلي ، أو في مسجد الجمعة الكبير الذي يبنيه .
و ( موضع خلواته الذكوات البيض ) أي موضع اعتكافه للعبادة الربوات البيضاء قرب النجف وتسمى النجف الغري والغريين .
وأربعة وخمسين ميلاً : أي تصير مساحة الكوفة أو طولها نحو مئة كيلومتر .
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( يبني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب ، وتتصل بيوت الكوفة بنهري كربلاء والحيرة ، حتى يخرج الرجل على بغلة سفواء يريد الجمعة فلايدركها) ، والسفواء الخفيفة السريعة ، أي يركب وسيلة خفيفة سريعة فلا يدرك صلاة الجمعة ، لأنه لايجد موقفاً فارغاً ومحلاً للصلاة .
والأحاديث عن التطور المعنوي والمادي في العراق مركز عاصمته عليه السلام كثيرة لايتسع لها المجال .

وبتصفية المهدي عليه السلام العراق وضمه إلى دولته وجعله عاصمتها ، تكون دولته قد شملت اليمن والحجاز وإيران والعراق ، ومعها بلاد الخليج . وبذلك يتفرغ لأعدائه الخارجيين ، فيبدأ أولاً بالترك فيرسل لهم جيشاً فيهزمهم .
ثم يتوجه بنفسه على رأس جيشه إلى الشام حتى ينزل ( مرج عذراء ) قرب دمشق استعداداً لخوض المعركة مع السفياني واليهود والروم ، معركة فتح القدس الكبرى .

المصدر:كتاب عصر الظهور