وفيما يلي نسلط الأضواء على صحابة رسول الله (ص) الذين استشهدوا رضوان الله عليهم بين يدي الإمام الحسين (ع) على يد جيش يزيد بن معاوية لعنة الله عليه:
1 - انس بن كاهل الأسدي (صحابي جليل شهد بدراً وحنيناً وكربلاء) :
هو أنس بن الحرث بن نبية بن كاهل بن عمرو بن صعب بن أسد بن خزيمة الأسدي، الكاهلي من وجوه الكوفيين ومن الموالين والمحبين لأهل البيت عليهم السلام شيخ كبير وصحابي جليل رأى النبي صلى الله عليه وآله وسمع حديثه وشهد معه بدراً وحنيناً ترجم ولاءه ومحبته لآل البيت النبوي صلى الله عليه وآله بنصرته والتضحية بنفسه للإمام الحسين عليه السلام ذكر المامقاني: قال البخاري: ومن جملة ما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: والحسين عليه السلام في حجره: إنَّ إبني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ألا فمن شهده فلينصره.
دوره في معركة الطف:
استأذن الصحابي الجليل أنس بن الحرث رضي الله عنه الإمام الحسين عليه السلام لمبارزة الأعداء فأذن له وبرز الى القتال وقد شد وسطه بعمامته، رافعاً حاجبيه بالعصابة ولما نظر اليه الإمام الحسين عليه السلام بهذه الحالة أرخى عينيه بالبكاء وقال: شكر الله لك يا شيخ، اقتحم حومة الميدان وهو يرتجز:
قد علمت كاهل ثم دودان والخندفيون وقيس عيلان
بان قومي آفة للأقران وإنني سيد تلك الفرسان
فقاتل قتال الأبطال حتى قتل على كبر سنه ثمانية عشر رجلاً ثم فاضت روحه الطاهرة الى بارئها لتستقر في الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً.
2 - عبد الرحمن بن ربه الأنصاري الخزرجي (أحد النفر الذين شهدوا لأمير المؤمنين بالولاية يوم الرحبة وقالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه):
نسبه يرجع الى قبيلة الخزرج (يمن من عرب الجنوب من الكوفة). كان عبد الرحمن صحابياً صادقاً في ولائه مخلصاً في مشايعته عابداً ناسكاً من الأوفياء، كان من خاصة الإمام علي عليه السلام له ترجمة ورواية. ذكره العصقلاني في الإصابة بقوله: ذكره ابن عقدة في كتاب الموالاة انه احد النفر الذي شهدوا بيعة الغدير في الرحبة وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (ألا ان الله عز وجل وليي، وانا ولي المؤمنين، ألا فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واحب من أحبه، وابغض من ابغضه، واعن من أعانه) لما نشد علي عليه السلام الناس في الرحبة من سمع النبي يقول يوم غدير خم ما قال فقام بضعة عشر رجلاً منهم أبو أيوب الأنصاري، وأبو عمرة بن محصن، وأبو زينب، وسهل بن حنيف، وخزيمة بن ثابت، وعبد الله بن ثابت، وحبش بن جنادة السلولي، وعبيد بن عازب، والنعمان بن عجلان الأنصاري، وثابت بن وديعة الانصاري، وعبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري، فقالوا: نشهد انا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول (كما تقدم).
شهادته رضوان الله عليه :
قال في الحدائق: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام هو الذي علم عبد الرحمن هذا القرآن ورباه وكان عبد الرحمن جاء معه فيمن جاء معه من مكة. ولما كان اليوم العاشر من محرم تقدم الى الإمام الحسين عليه السلام وأستأذن منه للقتال فقاتل حتى قتل رحمه الله.
3 - حبيب بن مظاهر الأسدي (خدم الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأختص بأمير المؤمنين ولازمه في سلمه وحروبه كلها فكان من أصفياء أصحابه وحملة علومه) : هو حبيب بن مظاهر أو مظهر بن رئاب بن الأشتر بن ججوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن الحرث بن ثعلبة بن داوُد بن أسد يكنى ابا القاسم الفقعسي الأسدي ويقال له: سيد القراء كان ذا جمال وكمال وحافظاً للقرآن كله. شخصية بارزة في المجتمع الكوفي من القادة الشجعان كان عمره يوم شهادة (75 سنة).
صحبته :
صحابي مشهور وفقيه معروف تشرف بخدمة الرسول صلى الله عليه وآله وسمع منه أحاديث وكان معززاً مكرماً بملازمة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. قال أهل السير: أن حبيباً رضي الله عنه نزل الكوفة وصحب علياً في جميع حروبه وكان من خاصته ومن أصفياء أصحابه وحملة علومه. ومن شرطة الخميس نال تكريم الرسول الامين صلى الله عليه وآله حين قبّله بين عينيه وهو صغير.
جاء في وسلية الدارين ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يوما مع جماعة من أصحابه في بعض الطريق وإذا هم بصبيان يلعبون في ذلك الطريق فجلس النبي صلى الله عليه وآله عند صبي منهم وجعل يقبّل بين عينيه ويلاحظه ثم اقعده في حجره وكان يكثر تقبيله فسئل عن علة ذلك فقال النبي الاقدس: اني رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين عليه السلام ورأيته يرفع التراب من تحته ويمسح به وجهه وعينيه فأنا احبه لحبه لولدي الحسين عليه السلام ولقد اخبرني جبرائيل انه يكون من أنصاره في وقعة كربلاء وذكر بعض الثقاة ان ذلك الطفل كان حبيبا بن مظاهر الذي فدى الحسين عليه السلام بنفسه ومهجته.
كما قالوا وروي ان حبيب بن مظاهر كان ذات يوم واقفا في سوق الكوفة عند عطار يشتري صبغا لكريمته فمر عليه مسلم بن عوسجه فالتفت إليه حبيب وقال: يا أخي يا مسلم اني أرى أهل الكوفة صمموا على قتال ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فبكى حبيب ورمى الصبغ من يده وقال: والله لا تصبغ هذه إلا من دم منحري دون الحسين عليه السلام.
دوره في معركة الطف :
ذكر الطبري وغيره ان حبيبا كان على ميسرة الإمام الحسين عليه السلام وزهيراً على الميمنة وانه حفيف الاجابة لدعوة المبارز:
(قالوا: ولما صرع مسلم بن عوسجة مشى إليه الحسين عليه السلام ومعه حبيب فقال حبيب عز علي مصرعك يامسلم ابشر بالجنة! فقال له مسلم قولا ضعيفا بشّرك الله بالجنة! فقال حبيب: لولا انني اعلم اني في أثرك لا حق بك من ساعتي هذه لأحببت ان توصي الي حتى احفظك في كل بما لنت له من الدين والقرابة. فقال له: أوصيك بهذا رحمك الله ـ واومأ بيديه إلى الحسين عليه السلام ـ ان تموت دونه! فقال حبيب: افعل ورب الكعبة).
استشهاده رضوان الله تعالى عليه:
ذكر الطبري: قالوا عندما طلب الإمام الحسين عليه السلام من أصحابه ان يسألوا جيش الحزب الاموي يكفوا عنهم لأداء الصلاة فقال الحصين بن تميم: إنها لا تقبل فقال له حبيب بن مظاهر: لا تقبل زعمت! الصلاة من آل رسول الله صلى الله عليه وآله لا تقبل وتقبل منك ياحمار قال: فحمل عليهم حصين بن تميم وخرج إليه حبيب بن مظاهر فضرب وجه فرسه بالسيف فشب ووقع عنه وحمله أصحابه فاستنقذوه .
قال: وأخذ حبيب يقول يؤمئذ :
أنـا حـبـيـب وأبـي مـظـهـر فـارس هـيـجـاء وحـرب تـسـعـر
أنـتـم اعـد عــدة وأكــثــر ونـحـن أوفـى مـنـكـم واصـبـر
ونـحـن اعـلـى حـجـة وأظـهر حـقـاً وأتــقــى منـكـم وأعـذر
وقاتل قتالا شديدا فحمل عليه رجل من بني تميم فضربه بالسيف على رأسه فقتله وكان يقال له: بديل من بني عقفان وحمل عليه آخر من بني تميم فطعنه فوقع فذهب ليقوم فضربه الحصين بن تميم على رأسه بالسيف فوقع ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه.
4 - مسلم بن عوسجة الأسدي (صحابي عظيم الشأن جليل القدر فارس شجاع أخلص في الولاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وللإمام الحسين عليه السلام كان صحابياً ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسمع حديثه وروى عنه الشعبي) :
هو مسلم بن عوسجه بن سعد بن ثعلبة بن داود بن اسد بن خزيمة أبو حجل الأسدي السعدي شخصية اسدية كبرى، احد شخصيات الكوفة .
دوره في كربلاء :
قال السيد ابن طاوس ان الإمام الحسين عليه السلام جمع أصحابه ليلا وخطب فيهم وقال(أما بعد فإني لا اعلم أصحابا خيرا منكم ولا أهل بيت افضل وابر من أهل بيتي فجزاكم الله عني جميعاً خيراً وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرقوا في سواد الليل وذروني وهؤلاء القوم فإنهم لا يريدون غيري) وبعد ان اجابه اخوه العباس عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام قام مسلم بن عوسجة وقال(نحن نخليك هكذا وننصرف عنك وقد احاط بك هذا العدو لا والله ولا يراني الله وأنا افعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمة بيدي ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك أو أموت دونك).
استشهاد مسلم بن عوسجة رضوان الله تعالى عليه :
قال أبو مخنف: حدثني الحسين بن عقبة المرادي قال الزبيدي: انه سمع عمرو بن الحجاج حين دنا من أصحاب الحسين عليه السلام يقول يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام فقال له الحسين عليه السلام: يا عمرو بن الحجاح أعلي تحرض الناس؟ أنحن مرقنا عن الدين وأنتم ثبتم عليه؟ أما والله لتعلمن لو قد قيضت أرواحكم ومتم على اعمالكم أينا مرق من الدين ومن هو أولى بصلي النار! قال: ثم ان عمرو بن الحجاج حمل عى الحسين عليه من ميمنة عمر بن سعد (لع) من نحو الفرات فاضطربوا ساعة وكان مسلم بن عوسجة في الميسرة فقاتل قتالا شديدا وبالغ في القتال على كبر منه وصبر على اهوال البلاء فكان يحمل على القوم وسيفه مصلت بيمينه وينشد:
إن تسألوا عني فإني ذو لبد من فرع قوم ذري بني أسد
فمن بغاني حائد عن الرشد وكافر بدين جبار صمد
ولم يزل يضرب فيهم حتى شد عليه مسلم بن عبد الله الضابي وعبد الله بن خشكارة البجلي فاشتركا في قتله وثارت لشدة الجلاد غيرة شديدة وما انجلت الغبرة إلا ومسلم بن عوسجة صريع وبه رمق فمشى إليه الإمام الحسين عليه السلام فقال له رحمك الله يا مسلم وقرأ (فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).
5 - كنانة بن عتيق التغلبي (من أصحاب الرسول الأكرم ومن عبّاد الكوفة بطلاً من أبطالها استشهد بين يدي الحسين عليه السلام).
قال أبو علي في رجاله كنانة بن عتيق التغلبي من أصحاب الحسين عليه السلام قتل معه في كربلاء وقال العسقلاني في الاصابة: هو كنانة بن عتيق بن معاوية بن الصامت بن قيس التغلبي، الكوفي شهد أحدا هو وأبوه عتيق فارس رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد ذكره ابن عقدة في تاريخه وقال العلامة في الخلاصة: كنانة بن عتيق بن معاوية بن الصامت، فارس رسول الله صلى الله عليه وآله وقال علماء السير والمقاتل: كان كنانة ابن عتيق بطلا من ابطال الكوفة، وعابداً، من عبادها، وقارئا من قرائها، جاء إلى الحسين عليه السلام من الطف أيام المهادنة، وجاهد بين يديه حتى قتل وقال صاحب الحدائق عن احمد بن محمد السروي قال: قتل كنانة بن عتيق في الحملة الأولى مع من قتل وقال غيره: قتل مبارزة بين الحملة الأولى والظهر.
6 - عمار بن سلامة الدالاني (أدرك النبي صلى الله عليه وآله وصحب أمير المؤمنين مجاهداً بين يديه في حروبه الثلاث خرج ثائراً مع الحسين عليه السلام حتى استشهد في كربلاء).
هو عمار بن سلامة بن عمران بن دالان أبو سلامة الهمداني الدالاني وبنو دالان بطن من همدان من القحطانية (يمن، عرب الجنوب) من سكنة الكوفة كان أبو سلامة عمار صحابياً، ادرك النبي صلى الله عليه وآله ورآه رؤية، كما ذكره الكلبي وابن حجر قال أبو جعفر الطبري: كان من أصحاب علي عليه السلام ومن المجاهدين بين يديه في حروبه الثلاثة وهو الذي سأل أمير المؤمنين عليه السلام عندما سار من ذي قار إلى البصرة فقال: يا أمير المؤمنين إذا قدمت عليهم فماذا تصنع؟ فقال عليه السلام: ادعوهم إلى الله وطاعته فإن أبوا أقاتلهم فقال أبو سلامة: إذن لن يغلبوا داعي الله.
التحق بالإمام الحسين عليه السلام عند وصوله كربلاء وجعل عبيد الله بن زياد(لع) زجر بن قيس الجعفي على مسلحة في خمسمائة فارس وأمره أن يقيم بجسر الصراة يمنع من يخرج من الكوفة يريد الحسين عليه السلام فمر به عمار بن أبي سلامة بن عبد الله بن عرار الدالاني فقال له زجر: قد عرفت حيث تريد فارجع، فحمل عليه وعلى أصحابه فهزمهم ومضى وليس أحد منهم يطمع في الدنو منه فوصل كربلاء ولحق بالحسين عليه السلام حتى قتل معه وكان قد شهد المشاهد مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وذكر صاحب الحدائق والسروي: إنه قتل في الحملة الأولى حيث قتل جملة من أصحاب الحسين عليه السلام وجاء في الأنصار: ذكره ابن شهرآشوب في عداد الحملة الأولى والزيارة، إلا أن فيها(الهمداني).
7 - الحرث بن نبهان مولى حمزة بن عبد المطلب (نشأ في كنف أمير المؤمنين علي عليه السلام وخرج مع الإمام الحسين عليه السلام من المدينة الى مكة ثم الى كربلاء حيث الشهادة).
كان والده نبهان رحمه الله عبداً لحمزة بن عبد المطلب، وقد مات والده بعد شهادة حمزة بسنتين، وهذا يعني ان الحرث قد ادرك زمان النبي صلى الله عليه وآله، وبما ان الحرث قد ترعرع ونشأ في كنف أمير المؤمنين علي عليه السلام فلا بد ان يكون قد رأى رسول الله صلى الله عليه آله عن قرب مرارا كثيرة.
قال أهل السير: ان نبهان كان عبداً لحمزة، شجاعاً فارساً، مات بعد شهادة حمزة بسنتين، وانضم إبنه الحرث إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ثم بعده إلى الحسن عليه السلام ثم إلى الحسين عليه السلام فلما خرج الحسين عليه السلام من المدينة إلى مكة خرج الحارث معه، ولازمه حتى وردوا كربلاء، فلما شبت الحرب تقدم امام الحسين عليه السلام ففاز بالشهادة رضى الله عنه.