هل تعلم .. أين يقع الجودي؟  

الإثنين 3 سبتمبر 2018 - 15:23 بتوقيت غرينتش
هل تعلم .. أين يقع الجودي؟  

الكوثر: قال تعالى : { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [هود : 44]

ذهب كثير من المفسّرين أنّ الجودي الذي استقرت عليه السفينة ـ كما مرّ ذكره في الآية ـ جبل معروف قرب الموصل (1) وقال آخرون : هو جبل في حدود الشام أو شمال العراق أو قرب «آمد» (2)

وفي كتاب الراغب الأصفهاني (المفردات) أنّه جبل بين الموصل والجزيرة ، وهي (جزيرة ابن عمر في شمال الموصل).

ولا يبعد أن تكون جميعها بمعنى واحد ، «فالموصل» و«الجزيرة» و«آمد» جميعها في الجزء الشمالي من العراق وقرب الشام.

وقال آخرون : يحتمل أن يكون المقصود من الجودي كل جبل صلب أو أرض صلبة وقوية (3) ، ومَعنى الآية حسب هذا التّفسير أن السفينة استقرت على أرض صلبة غير رخوة لينزل ركابها على الأرض ، ولكن المشهور والمعروف هو المعنى الأوّل.

وفي كتاب «أعلام القرآن» تحقيق وتتبع حول جبل الجودي نورده بما يلي :

«الجودي» اسم جبل استقرت سفينة نوح واستوت على قمته ، وقد ورد اسمه في الآية (44) في سورة هود وهو قريب من المضمون الوارد في التوراة مع ما يتعلق به من أُمور أُخرى ، وهناك ثلاثة أقوال بالنسبة إلى محل جبل الجودي :

1 ـ بناءً على قول «الاصفهاني» فإنّ جبل الجودي في الجزيرة العربية ، وهو واحد من جبلين واقعين في منطقة نفوذ قبيلة (طيء).

2 ـ إِنّ الجودي هو سلسلة جبال «كاردين» الواقعة شمال شرقي جزيرة (ابن عمر) في شرق دجلة قرب الموصل؟ ويسمّيها الأكراد (كاردو) بلهجتهم ، ويسميها اليونانيون (جوردي) ويسمّيها العرب «الجودي».

في «الترگوم» وهي الترجمة الكلدانية لـ «التوراة» وكذلك الترجمة السريانية لـ «التوراة» : إِنّ المكان الذي استقرت عليه سفينة نوح هو قلعة جبل الأكراد ، أي «كاردين».

والجغرافيون العرب يطبقون الجودي المذكور في القرآن على هذه المنطقة ـ المشار إِليها آنفاً ـ ويقولون إِنّ قطع السفينة كان موجودة على قمة هذا الجبل حتى زمان بني العباس وكان المشركون يزورونها..

وفي القصص البابلية قصّة شبيهة بطوفان نوح (عليه السلام) (ملحمة گيلگامش) ويمكن ـ إضافة إلى ذلك ـ احتمال طغيان دجلة في تلك الفترة ، وسكنة تلك المنطقة هم المبتلون بالطوفان.

وفي جبل الجودي كتيبة آشورية موسومة بكتيبة «ميسر» وقد لوحظ في هذه الكتيبة اسم «آرارتو».

3 ـ وفي الترجمة الحالية لـ «التوراة» : إِن محل استقرار سفينة نوح في جبال «آرارات» وهو جبل «ماسيس» الواقع في «أرمنستان» وقد ضبط صاحب قاموس الكتاب المقدّس معناه الأولي ، فكان المعنى «ملعون» وقال : بناءً على ما جاء في الرّوايات فإِنّ سفينة نوح استقرّت على قمة هذا الجبل ، ويسميّه العرب بـ «الجودي» ويسمّيه الإِيرانيون بـ «جبل نوح» ويسميه الأتراك بـ «كرداغ» بمعنى الجبل المنحدر ، وهو واقع قرب «أرس».

وحتى القرن الخامس لم يعرف الأرامنة جبلا في أرمنستان باسم جبل «الجودي» ولكن منذ ذلك الوقت تسرب هذا المفهوم الى علماء الأرمن وقد يكون السبب هو اشتباه المترجمين للتوراة الذين ترجموا جبل «الأكراد» إلى «أرارات»..

ولعل ممّا سوّغ هذا التصوّر أنّ الآشوريين أطلقوا على الجبال الواقعة شمال بحيرة «وان» وجنوبها اسم «آرارات» أو «آراتو».

يقال أنّ النّبي نوحاً بنى مسجداً على قمة جبل الجودي بعد ما غاض الطوفان (4) ، ويقول الأرامنة : إِنّ في سفح جبل الجادي «الجودي» قرية تدعى ثمانين أو ثمان ، وهي أوّل محلِ نزل فيه أصحاب نوح (عليه السلام) (5) (6).

_____________________
1. راجع تفاسير مجمع البيان ، وروح المعاني ، والقرطبي ، ذيل الاية محل البحث .

2. تفسير مجمع البحرين ، ج11 ، ص424مادة (جود) .

3. بحار الانوار ، ج11 ، ص339 ، تفسير مجمع البيان ، ’ذيل الاية مورد البحث.

4. ورد في بحار الانوار ، ج57 ، ص203 ، ( (وقيل التين مسجد نوح الذي بنى على الجودي.

5. أعلام القران للغزائلي ، ص281.

6. بحار الانوار ، ج11 ، ص322. ح30.