والرواية المشهورة في هذا المجال تذكر أنّ عددهم مائة وعشرون ألف نبي ، في حين تقتصر روايات اُخرى على ثمانية آلاف ، أربعة الآف منهم هم أنبياء بني إسرائيل ، والباقون من غيرهم (1).
وقد جاء في حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «خلق الله عزّ وجلّ مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبيّ ، أنا أكرمهم على الله ولا فخر ، وخلق الله عزّ وجلّ مائة ألف وصي وأربعة وعشرين ألف وصي ، وعلي أكرمهم على الله وأفضلهم» (2).
وفي رواية اُخرى عن أنس بن مالك أنّ رسول الله قال : «بعثت على أثر ثمانية آلاف نبيّ ، منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل» (3).
هذان الحديثان لا يتناقضان فيما بينهما ، إذ يمكن أن يكون الحديث الثّاني قد أشار إلى الأنبياء العظام ، كما يذكر ذلك العلاّمة المجلسي في توضيح هذا الكلام.
وفي حديث آخر أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أجاب على سؤال لأبي ذر (رضي الله عنه) عن عدد الأنبياء قائلا بأنّهم (124) ألف نبي ، وعن سؤال حول عدد الرسل منهم ، أنّهم (313) رسول فقط (4).
وفي حديث آخر أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن ذكر العدد (124) ألف قال : خمسة منهم أولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) (5).
وهناك روايات اُخرى في هذا المجال تؤيد العدد المذكور أعلاه.
من هنا يتضح أنّ هذه الرواية (حول عدد الأنبياء) ليست خبراً واحداً كما يقول «برسوئي» نقلا عن بعض العلماء في تفسير «روح البيان» ، بل هناك روايات متعدّدة ومستفيضة تؤّكد أنّ عدد الأنبياء الإلهيين كان (124) ألف نبي. وأنّ مثل هذه الروايات موجودة في المصادر الإسلامية المختلفة.
والطريف في الأمر أن عدد الأنبياء الذين صرح القرآن بأسمائهم هو (26) نبي فقط هم: آدم ـ نوح ـ إدريس ـ صالح ـ هود ـ إبراهيم ـ إسماعيل ـ إسحق ـ يوسف ـ لوط ـ يعقوب ـ موسى ـ هارون ـ زكرياـ شعيب ـ يحيى ـ عيسى ـ داودـ سليمان ـ إلياس ـ اليسع ـ ذو الكفل ـ أيوب ـ يونس ـ عزير ـ ومحمّد (عليهم الصلاة والسلام).
ولكن هناك أنبياء آخرون أشار إليهم القرآن وإن لم يذكر أسماءهم صراحة مثل «أشموئيل» الذي ورد ذكره في الآية (248) من سورة «البقرة» في قوله تعالى : (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ).
والنّبي «أرميا» الوارد في الآية (259) من سورة البقرة في قوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ ... ) (6).
و«يوشع» المذكور في الآية (60) من سورة «الكهف» في قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ).
و«الخضر» الوارد ذكره إشارة في الآية (65) من سورة الكهف في قوله تعالى: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا).
وورد ذكر لأسباط بني إسرائيل ، وهم زعماء قبائل بني إسرائيل كما في قوله تعالى : {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [النساء : 163].
وإذا كان هناك أنبياء من بين إخوة يوسف (عليه السلام) فقد أشير إليهم مرات عديدة في سورة يوسف.
وخلاصة القول هنا أنّ القرآن أشار إلى قصص وحوادث ترتبط بأكثر من (26) نبياً وهم المصرّح بأسمائهم مباشرة في القرآن الكريم.
ويستفاد من بعض الروايات الواردة في مصادر السنة والشيعة أنّ الله بعث بعض الأنبياء من ذوي البشرة السوداء ، كما يقول العلامة الطبرسي مثلا في «مجمع البيان» روي عن علي أنّه قال : «بعث الله نبيّاً أسود لم يقص قصته» (7).
______________________
1- تفسير مجمع البيان ، ج8 ، ص830 ، ذيل الآية مورد البحث.
2- بحار الانوار ، ج11 ، ص30 ، ح21.
3- المصدر السابق ، ص 31 ، ح22 .
4- بحار الانوار ، ج11 ، ص32 ، ح24.
5- المصدر السابق ، ص41 ، ح43.
6- ثمّة بحث بين المفسّرين عن اسم هذا النّبي ، إذ فيهم من قال : إنّه «أرميا» والبعض قال : إنّه «الخضر» وقال جمع : إنّه «عزير».
7- مجمع البيان ، ج8 ، ص830 ، ذيل الآية مورد البحث . وفي هوامش تفسير الكشّاف هناك روايات عديدة في هذا المجال. يلاحظ ج4 ، ص 180 ، طبعة دار الكتاب العربي.