بديهية إسلامية تحولت الى شعار يأججه العلمانيون الى المستوى الشيوعي المعروف بنفاقه، والذي تحول من اداة بيد الماركسية السوفيتية الى اداة تهريج بيد السفارة الاميركية زعيمة الامبريالية الرأسمالية!!
شعار يرفعه الصالح والطالح، هدفه الأساس إقصاء الاسلاميين عن السلطة والقاء تبعات كل ما واجه العملية السياسية في العراق من فشل على عاتقهم وكانما هم الوحيدين الذين كانوا في السلطة!
هذه العملية المدعومة بجيوش أو جحوش الكترونية تزور انواع الوثائق الرسمية والحزبية والشخصية وتفبرك شتى الصور ـ حتى الافلام ـ وتستخدم في التسقيط اقسى واحط انواع العبارات والاوصاف وتصرف الاموال لشراء الذمم من شعراء ومثقفين وفنانين.. وقع بعض الاسلاميين ضحيتها عن قصد او عمد في عملية تنافس اقل ما يقال عنه انه غير شريف.
قبل ايام شاهدت اعلانا ممولا على موقع شهير ضد نائبة اسلامية معروفة، ابنة أحد قادة الحركة الاسلامية في العراق.. وبغض النظر عن تقييم ادائها البرلماني، عرّفها الاعلان بانها تحمل الجنسية الاميركية.. قرابة 100 تعليق على الاعلان كلها شتائم وسباب وباقذر الالفاظ... اتصلنا عن طريق صديق بالنائبة واستقصينا امر الجنسية الاميركية، ليتضح ان المسكينة لم تدخل اميركا بزيارة حتى!!
أعود الى "المجرب لا يجرب" وبغض النظر عن منشأها التاريخي وإساناداتها الروائية والحديثية، وصحة إنتسابها الى وكيلي المرجعية الدينية السيد أحمد الصافي أو الشيخ عبد المهدي الكربلائي، أضحت اليوم عبارة "المُجرّب لا يُجرّب" شعاراً إنتخابياً لبعض القوائم والاحزاب السياسية تستخدمه لإقصاء خصومها، علماً إن جميع القوائم والكتل من اسلاميين وعلمانيين مجربة بشكل وآخر في البرلمان والحكومة والدوائر الرسمية والمجالس البلدية.
ورغم نفي المرجعية الدينية لهذا الشعار المنسوب اليها، نجد ان الاستناد عليها وصل الى الحزب الشيوي العراقي، بهدف اقصاء الاسلاميين من السلطة، بل كتب جاسم الحلفي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي واحد زعماء تظاهرات التيار المدني في ساحة التحرير بوسط بغداد، مقالات في ذلك!!!
المشكلة ليست في الشعار بل في توظيفاته المزيفة.. كيف؟
اصل المشكلة في البرلمان تعود الى ـ أغلب ـ زعامات الكتل والائتلافات التي تقود ـ أغلب ــ اعضاءها النواب كالقطعان ـ واعتذر لفجاجة التعبير ـ وفق حسابات سياسية ومنافسات غير وطنية، دون النظر الى فائدة مشروع القانون او اللائحة وتاثيره في حياة الناس ووضعهم المعيشي والخدمي... ورؤساء الكتل والقوائم والائتلافات وداعميهم كلهم ـ دون استثناء ـ من المجربين، وهم يقودون الاعمار والخراب والاصلاح والفساد، منذ 15 عاما!!!
لا اريد ان اذكر الاسماء لان الشعب العراقي يحفظ اسماءهم ومواقفهم وشجرة انتماءاتهم السياسية والعرقية والاقليمية والدولية.. يعلم بثباتهم على مواقفهم او تقلباتهم التي تذكر العراقيين بمواقف سياسي لبناني شهير "يطفش" كما يصفه اللبنانيون... يعرفون جيدا من ضحى ووقف على خطوط النار وبمن لم يدخل البرلمان الا لمما وهو يستلم مرتبه ــ وأكثر ـ كل شهر!
أما الاتيان بوجوه جديدة، فهي ايضا مسالة جيدة وتستحق التقدير، لكن ليس بالشكل الذي تمتهن به العملية السياسية والمهمة البرلمانية في التقنين والاشراف..
قد اكون متشائما في هذا الصدد، لكني أرى ان المجيء بشباب لا خبرة لهم في العمل السياسي والمهني، لمجرد تغيير الوجوه ووفق قاعدة المجرب لا يجرب، هي عملية ضحك على الذقون وتكريس للفساد، لان هذا الشاب المطروح في الواجهة سيكون العوبة بيد زعيم القائمة يحركه كيفما يشاء ووفق حساباته السياسية فقط، لانه صاحب الفضل والمنة عليه، وهو من أسقطه من سمو الفقر والعوز الى حظيظ المسؤولية والثراء وادخله في لعبة الحرام!!!... وهذا يعني تدمير للعملية التشريعية والرقابية و"زعططتها!!!".
ان حكمية مقولات مثل "المجرب لا يجرب" على اجواء الشارع الانتخابي يعني بصراحة مصادرة عقول الناخبين وسلبهم اية فرصة في التفكير، فما بالك اذا نسبت للمرجعية صاحبة النفوذ المقدس في نفوس الناس... وبالتاكيد هي جزء من مشروع مشبوه يجري تنفيذه من قبل قوى دولية واقليمية.
نعم، المجرب الفاشل والفاسد والسيء لا يجرب مرة أخرى، وهذا منطق الأشياء الذي لا يحتاج الى فتوى شرعية ولا مقالة من جاسم الحلفي، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.. فهل يختص هذا بقوم دون آخرين وبحزب وتيار وحركة دون سواهم.. ماذا عن الاخرين والزعامات التي تقود افرادها من خارج المواقع الرسمية والتي يشكل بعضها دولة داخل دولة؟!
الاصلاح يكون في الالتزام بالقانون وتطبيقه حتى لو أضر بالمصالح الشخصية والفئوية الضيقة وفي الخروج من المحاصصة او ما يعبر عنه بالديمقراطية التوافقية.. يكون في تقليل امتيازات الزعامات والرؤساء والمسؤولين وحماياتهم، في عدم التوسط والمحسوبية والمنسوبية في التوظيف، في "حلية" لقمة العيش من خلال عدم اخذ الرشاوى والعمل خلال ساعات الدوام وعدم التسكع والتهرب من انجاز الاعمال.. الاصلاح يكون بتفعيل مبدأ "من اين لك هذا؟".. على الزعامات والرئاسات والجميع دون استثناء...
الاصلاح يكون عندما لا يتوهم الزعيم والمسؤول انه فقط دون سواه يمثل الحالة الوطنية، انه هو الحق وغيره الباطل.. يكون عندما يكون مستعدا للحوار مع الاخرين والتفاهم والتنازل لمصلحة الوطن.
واخيرا.. الاصلاح يكون حقيقة لا مجرد شعارات جوفاء، اذا ما وجدت المواطن يرمي نفايات بيته في المكان المناسب وبالموقت المناسب ويحافظ على نظافة زقاقه وشارعه ومدينته ولا ينتظر الحكومة لتقوم بذلك وتؤدي عنه كل شيء..
عندها قل بدأ الاصلاح واصرخ "المجرب لا يجرب".. والا ما هي الا شعارات رفعتموها انتم وآباءكم!!
بقلم: علاء الرضائي