يقول العارف السيد محمد حسين الطهراني: حصلت هذه القصة في شهر رمضان المبارك لسنة ألف وثلاثمائة وسـتّ وسبعين هجريّة،
عندما كنت مقيماً في مدينة النجف الاشرف. فسافرت ذات يوم برفقة العائلة إلی كربلاء المقدّسة لزيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، واستأجرنا غرفة فأقمنا بها فترة من الزمن ونحن ننعم ببركات سيّد الشهداء عليه السلام. وكان الجوّ حارّاً آنذاك، وكنتُ قد اعتدتُ في ذلك الشهر المبارك علی السهر لقصر لياليه، كان نومي يستمرّ من الصبح إلی ما قبل الظهر بساعتين، ثمّ أنهض للوضوء استعداداً للذهاب إلی الحرم الحسينيّ فأمكث فيه إلی الظهر، فأصلّي صلاة الظهر في الحضرة المباركة، ثمّ أعود إلی المنزل.
وكان لي صديق عربيّ من أهالي الكاظميّة يدعي الحاجّ عبدالزهراء الگرعاوي، وهو رجل متديّن ذو ضمير وقّاد. وكان يتشرّف بين الحين والآخر بزيارة كربلاء، وخاصّة في ليالي الجمعة، وكان حريصاً علی العودة إلی الكاظميّة في نفس الليلة، لئلاّ يُجبر علی الإفطار في اليوم التالي؛ وقد تُوفّي قبل سنة تقريباً، رحمة الله عليه.
واستيقظت ذات يوم كعادتي، فتوضّأت وعزمت الذهاب إلی الحضرة المباركة، فلحظتُ في نفسي تثاقلاً، وأحسست بانقباض شديد يعتريني. وبالكاد وصلت الصحن المطهّر وقد شعرت بضعف رغبتي للزيارة، وتواصلت تلك الحالة بي إلی قريب الظهر. وفجأة، فإذا بنشاط وسرور لايمكن وصفهما يغتبطاني، فنهضتُ للزيارة برغبة كبيرة، انهمكتُ ـكالسابقـ بالزيارة والصلاة والتوسّل.
وجاء في تلك الليلة المرحوم الحاجّ عبد الزهراء من الكاظميّة إلی كربلاء للتشرّف بالزيارة؛ فقال لي: أيّها السيّد محمّد الحسين! بأيّ حالٍ كنت هذا اليوم؟ لقد كنتُ جالساً في غرفتي في بغداد قرب الظهر، فشاهدتك بحالة صعبة، وأنت تعاني من انقباض شديد، فركبتُ سيّارتي علی الفور وذهبت إلی الكاظمين فشفّعت الإمام موسي بن جعفر عند الله تعالی لرفع الحالة التي انتابتك، فشفع الإمام لك وتحسّنت حالك..
________________________________________
معرفة المعاد ج9.