محمد عبدالله فضل الله
بدايةً، لا بدّ من المرور عبر تعريف اللّغة، وما اصطلح العلماء عليه حول معنى المصحف والقرآن، وما أشاروا إليه باختصار ما أمكن، منعاً من وقوع البعض في الشّبهات، والتقوّل غير السليم من أنّ المصحف شيء آخر غير كتاب الله وقرآنه.
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت170هـ): "وسُمِّيَ المُصْحَفُ مُصْحَفاً لأنَّه أُصْحِفَ، أي جُعِلَ جامعاً للصّحُف المكتوبة بين الدَّفَّتَيْن". [العين: 3/ 120].
قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت: 321هـ): "والمصحف بِكَسْر الْمِيم لُغَة تميمية، لِأَنَّهُ صحف جمعت، فأخرجوه مخرج مفعل مِمَّا يتعاطى بِالْيَدِ. وَأهل نجد يَقُولُونَ: الْمُصحف بِضَمّ الْمِيم لُغَة علوِيَّة، كَأَنَّهُمْ قَالُوا: أصحف فَهُوَ مصحف، أَي جمع بعضه إِلَى بعض". [جمهرة اللّغة: 1/ 541].
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370ه): "قَالَ اللَّيْث: الصُّحُفُ: جماعةُ الصَّحِيفة، وَهَذَا من (النَّوَادِر)، وَهُوَ أَن تجْمَع فَعِيلَة على فُعُل، قَالَ: وَمثله سفينة وسُفُن، وَكَانَ قياسُهما صحائفُ وسَفائن، قَالَ: وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {إنَّ هذا لفي الصّحف الاُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}، يَعْنِي الْكتب الَّتِي أنزلت عَلَيْهِمَا، قَالَ: وصحيفةُ الوَجْه: بَشَرَةُ جِلده". [تهذيب اللّغة: 149/4].
وقد ذُكِرَت كلمة صحف في القرآن عدَّة مرات: "صحف إبراهيم وموسى"، "يتلو صحفاً مطهَّرة".
ومن تعاريف القرآن في اللّغة: لفظ القرآن مُشتقّ من المصدر "قرأ" ويعني تلا، ويقال قرأ، ويقرأ، وقراءة، وقرآناً.
وقد عرّف السيِّد محمد باقر الحكيم القرآن اصطلاحاً، بقوله: "القرآن الكريم هو الكلام المعجز المنزل وحياً على النبيّ(ص)، المكتوب في المصاحف، المنقول عنه بالتَّواتر، المتعبّد بتلاوته".[كتاب "علوم القرآن"، ص 17].
هذا، وقد ورد ذكر القرآن في عشرات الآيات القرآنيَّة. فالقرآن المكتوب في المصاحف، هو كلام الله الّذي تعبَّدنا بتلاوته والعمل به والاستهداء بنوره، فالمصحف هو نفسه القرآن المتلو على الناس من أجل هدايتهم وإحياء روحهم، بما يثير فيها من بركة ورحمة وخير.
المصدر: بينات