ان ركون الكتل السياسية كافة لصوت المحكمة الاتحادية يجعل العراقيين يشعرون بالارتياح من وجود جهة تستطيع ان تتدخل في الوقت الحاسم وتنهي جدلا طويلا، ومن ثم تجد آذانا مصغية لما يصدر عنها بالرغم من عمق الرفض لقراراتها.
إقرأ أيضاً: شرط الشهادة في الانتخابات العراقية من مقومات البناء
وركون الحكومة أو مجلس النواب للمحكمة الاتحادية لم يكن الأول، فثمة سوابق كثيرة، لعل الأولى من التاريخ البعيد قليلا، حين فازت القائمة العراقية في انتخابات 2010م، بفارق صوتين عن قائمة دولة القانون، واشتد الصراع بين القائمتين والخلاف في المفهوم الدستوري للكتلة النيابية الكبيرة، وكان قرار المحكمة الاتحادية باتا ونافذا على الجميع الذي يقضي بأن الكتلة النيابية التي تشكل بعد الانتخابات، وبذلك فتحت الطريق أمام تشكيل الحكومة، وقد رضخت الأطراف المتنافسة لذلك الحكم من دون أدنى اعتراض، لعلمهم ان قرارات المحكمة ملزمة للجميع ولا تحتمل التمييز أو الطعن.
والسابقة الأخرى القريبة وهي قرار المحكمة بشأن الاستفتاء في إقليم كردستان، الذي حسم هو الآخر جدلا كبيرا بين بغداد واربيل، كاد يؤدي إلى تقسيم البلاد، لكن استماع الطرفين لهذا القرار فتح الطريق لعقد حوارات بين وفود فنية وعسكرية ورسمية، كان آخرها وصول رئيس حكومة الإقليم إلى بغداد ولقائه رئيس الوزراء د. حيدر العبادي من أجل التسريع بإيجاد الحلول لكل القضايا العالقة.
لكن السؤال الذي يوجهه المواطن العراقي إلى مجلس النواب أو حتى للحكومة لماذا التباطؤ في مفاتحة المحكمة الاتحادية، وترك الأمور تصل إلى نهايات مسدودة، وتجعل الأطراف السياسية تتصارع بينها، مما يؤثر على الوضع الأمني، فينعكس على الشارع العراقي كله، إذ كثيرًا ما تستغل قوى الإرهاب والظلام هذا الانقسام بين الكتل السياسية، فتتفجر هنا أو هناك، مما يجعل الناس يشيرون بطرف إلى هذا الجهة او تلك، ولعل الانفجارات الأخيرة خير دليل على ذلك، إذ راحت بعض الأطراف تلمح إلى ان تلك الانفجارات ماهي إلى نتيجة لحالة الانقسام التي تشهدها الأطراف السياسية، من أجل مكاسب سياسية هنا أو هناك، ولذك نجد من المصلحة أن يتوجه مجلس النواب للمحكمة الاتحادية في بداية كل خلاف أو معضلة من دون انتظار توسيع الهوة بين الأطراف البرلمانية، ومن ثم استغلالها من القوى الظلامية.
إن التزام الأطراف كافة بقرارات المحكمة الاتحادية يجعلنا نشعر بزهو بأن العملية الديمقراطية على الرغم من العقبات التي تواجهها أو السلبيات التي تحيق بها تسير في الطريق الصحيح، وتجعلنا في الوقت نفسه مطمئنين إلى وجود جهة مستقلة ضامنة لكل الجهات، ملزم قرارها، مهما كان حجم الضرر منه.
إن صدور القرارات بشكل سريع من المحكمة الاتحادية تجعلنا نُشكلُ على الأجهزة القضائية الأخرى في تأخير بعض القضايا المفصلية التي تخص اقالة محافظ أو عدمها، أو فساد وما شابهه، وقتا طويلًا، ثم يأتي القرار ليعيد هذا المحافظ أو ذاك إلى مجال عمله، على الرغم من تعيين محافظ جديد أو أية منصب إداري آخر.
لذلك ندعو تلك الأجهزة القضائية المختصة إلى تسريع الإجراءات التي تتعلق بالجهات التنفيذية، سلبًا أو إيجابًا، حتى لا نكون أمام وجود شخصين تنفيذيين، حتى وان عاد الأول وانسحب الاخر، فثمة متطلبات مالية تترتب على ذلك.