يقول السيد محمد الحسيني (قدس) :
نقل لي الشيخ محمد علي المدرس الأفغانـي (قدس سره) إنّه قصد النجف الأشرف بصورة بالغة الصعوبة حيث وصلها ماشياً علـى القدمين من بلدته في أفغانستان التي تبعد عن النجف الأشرف آلاف الكيلومترات . ولما لم يكن له محل في النجف الأشرف اضطر إلى العيش في الصحن صباحاً ، وعند الظهر كانت أبواب الصحن تغلق ، فكان يضطـر هذا الشيخ الجليل أن يأتي إلى وادي السلام ويتّخـذ من ظلال بعض المقابر العالية مكاناً يأوي إليه في تلك الأوقات الشديدة الحرارة حتّى يتم فتح أبواب الصحن مجدّداً في العصر . وهكـذا دواليك كانت حياة الشيخ تسري بهذه الكيفية .
وقد ذكر لي : أنّه ذات مرّة استيقظتُ وأنا في الوادي وعلى مقرّبة من إحدى المقابر وقد أخذ منّي الحرّ مأخذاً شديداً وكنت فـي غاية العطش ، قمت من مكاني وأخذت أجـوب الوادي حتّى وصلت إلى ماء يسيل فشربت منه ، ثمّ إنّي فحصتُ عن مصدر هذا الماء فوجدت أنّه منبعث من حوض مغتسل الأموات وهو خليطٌ بالكافور والسدر ، فتأثرت تأثراً كبيراً وبكيتُ علـى حالي ، وأخذتُ أخاطب سيّدي أمير المؤمنين (عليه السلام) ، يا سيّدي إنّي رضيت بكلّ شيء لكنّي لا أرضى بهذه الحالة ، وبعد ذلك ذهبت إلـى الصحن وإذا بخادم السيد أبو الحسن الإصفهاني (قدس سره) يناديني ويقول لـي : أنت محمّد علي الأفغاني . قلت له نعم . قال : السيّد يريدك .
ولما ذهبت إلى السيّد أعطاني غرفة وقرّر لي راتباً شهرياً ، ولا أدري من أين علم السيّد الأصفهاني بحالي فعشتُ بعدها برفاهٍ نسبي .