الثورة الحسينية هي امتداد القرآن الكريم، كون القرآن هو المصدر الأساسي في التشريع لدى كافة المسلمين، والنهضة الحسينية لابد أن تؤطر بإطار القرآن الكريم وتعرض علية، وهل تتطابق مع القرآن الكريم؟ لأهمية هذه النهضة، فإنها تمثل ابعادا عقيدية، وفقهية، وسياسية، وثقافية، واجتماعية، وقد تجذرت في حياة المسلمين، لأن الحسين باع وأعطى كل شئ لله تعالى،
حتى ذكر القرآن لقوله (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) لذا أصبحت نهضة الإمام الحسين عليه السلام عصارة جهاد الأنبياء والمرسلين، خصوصا جهاد جده رسول الله(ص) الذي خاض معارك دامية من أجل تثبيت دعائم الإيمان في أفاق الأرض، وذات الأهداف التي سعى إليها المصلحون الربانيون، ومنهم رسول الله (ص) في جهاد الحسين عليه السلام وحسب الايتان اللتان مرتا، وغيرها من ايات الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاستشهاد المعبر عنه بالقتل في سبيل الله كلها من ايات الإمام الحسين عليه السلام، لأنه هو المجاهد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والشهيد في سبيل الله،
لأنه خرج من أجل هدف واحد أعلنه للقوم مرارآ يقول لأخيه محمد بن الحنفية في وصية له: (إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين)، وهنا إيضاح منه لمعنى ألإصلاح في أمة جده(صلى الله عليه وآله) هو هدفه من الثورة وهنا شيء أريد أن أنبه عليه في قوله:
(فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق).
إنه لم يقل: فمن قبلني لشرفي، ومنزلتي في المسلمين، وقرابتي من رسول الله، وما إلى ذلك… لم يقل شيئاً من هذا إن قبوله يكون بقبول الحق فهذا داع من دعاته، وحين يقبل الناس داعي الحق فانما يقبلونه لما يحمله إليهم من الحق والخير لا لنفسه، وفي هذا تعالى وتسام عن التفاخر القبلي الذي كان رأس مال كل زعيم سياسي أو ديني في عصره عليه السلام.
فان العنصر الإجتماعي شديد البروز في ثورة الحسين عليه السلام، من بدايتها حتى نهايتها، ويرى أن الحسين ثار من أجل الشعب المسلم: لقد ثار على يزيد باعتباره ممثلا للحكم الأموي، هذا الحكم الذي جوع الشعب المسلم، وصرف أموال هذا الشعب في اللذات، والرشا وشراء الضمائر، وقمع الحركات التحررية، هذا الحكم الذي اضطهد المسلمين غير العرب وهددهم بالافناء، ومزق وحدة المسلمين العرب وبعث بينهم العداوة والبغضاء هذا الحكم الذي شرد ذوي العقيدة السياسية التي لا تنسجم مع سياسة البيت الأموي وقتلهم تحت كل حجر ومدر، وقطع عنهم الأرزاق وصادر أموالهم هذا الحكم الذي شجع القبلية على حساب الكيان،
واليوم نستمد العون والقوة من هذه الثورة المباركة لنقف جميعا وقفة واحدة يوم واحد محرم ونقولها للعالم بصوت يدوي في الأذان نحن حسينيون مابقينا، إقامتنا للشعائر الحسينية إقامة لأهداف النهضة الحسينية وغاياتها يرجع إلى العلامة على الأغراض والغايات والأهداف التي نهض الحسين عليه السلام لأجلها فهي ذكرى تخليد وإعادة إحياء لتلك الغايات والمبادئ التي نهض عليه السّلام لأجلها، فالأمر البارز في نهضته هو أنّها دعوة إلى الصراط الحقّ وإلى التمسّك بولايتهم عليهم السلام، وإلى إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي هي فريضة كبرى وأحد أبرز مصاديقها.