بسم الله الرحمن الرحيم
قال عزّ مِن قائل: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ * قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين﴾. الأعراف: 127ـ 128.
أيّها المؤمنون الغيارى.. أيّها الشعب المسلم البحرانيّ الأبيّ.. اعلموا أنّ المواجهة التي يقودها طاغية البحرين ضدّكم إنْ هي إلّا حماقة ارتكبها طغاة سبقوه على المسرح التأريخي في مواجهة خاسرة مع المؤمنين الموحّدين؛ إذ كانت بدعم وتأييد من بطانات سفيهة وأعوان سخيفة وشعور بغطرسة مزيّفة، يخبرنا الكتاب الصادق عن بعض جوانبها في قوله تعالى: ﴿قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُون﴾، بل يخبرنا بنتائجها أيضاً؛ إذ يقول تعالى: ﴿وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَال﴾. ابراهيم: 45 ـ 46.
أبنائي الأكارم.. إنّ ما يجري على ساحة البحرين اليوم ليس مثلاً مبتدعاً في تأريخ الطغاة.. إنْ هي إلّا محنة المؤمنين المعهودة، والبلاء الإلهي الذي اُمرنا أن نكون أقوياء العزم، راسخي القدم فيه مهما تعاظم وتناهى، وعن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّه «عِنْدَ تَنَاهِي الشِدَّةِ تَكُونُ الْفَرْجَةُ وَعِنْدَ تَضَايُقِ حَلَقِ الْبَلاَءِ يَكُونُ الرَخَاء»، بل يشدّ الكتاب الكريم من عزم المؤمنين ويقوّي هممهم بقوله تعالى: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَام﴾. ابراهيم: 47.
اعلموا أبنائي الغيارى.. أنّ ما يستند إليه سفيه البحرين في مواجهتكم والإساءة إلى قيادتكم الدينيّة المتمثّلة بسماحة آية اللّه الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه اللّه) في اقتحام داره واعتقال أو قتل المؤمنين من أنصاره وفرض الحصر عليه من قبل قوّاته الأمنيّة ليس قوّة ذاتيّة، بل دعم من بطانة سفيهة اُمّيّة لا تجيد حتّى قراءة البسملة من مثل ملك السعوديّة، يرقص لترامب واقفاً ويصلّي للّه جالساً، ووعود من اُناس لا يمتدّ بصرهم إلى أبعد من مصالحهم من مثل (ترامب) وطمأنته لآل خليفة بدوام العلاقة الأمريكيّة البحرينيّة برغم قتلهم لأبناء شعبهم ومحاصرة علماء بلدهم، وهو مَن تضادّت مواقفه وتبدّلت خلال أيّام معدودات من رآسته، فكيف يركن إليه آل خليفة في أخطر موضوع يهدّد كيانهم وسلطتهم؟!.. وأنّ قوّتكم أيّها المؤمنون ومسندكم الحصين هو اللّه تعالى وإرادتكم وإيمانكم وخالص دعاء المؤمنين..
وليعلم آل خليفة أنّهم يتحمّلون كامل العواقب التي تترتّب على أيّة حماقة يرتكبونها بحقّ سماحة الشيخ عيسى قاسم والمؤمنين من حوله.. فإنّهم إن استطاعوا فرض الحصار عليه ابتداءً لكن ليس بيدهم مصير الفتنة انتهاءً، فإنّ ذلك للّه وللمؤمنين، فإنّ البادئ أظلم، ومن أشعل نار الفتنة ليس له أن ينجو من لهيبها ﴿أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِين﴾. التوبة: 49.
اعلموا أيّها الممتحنون.. أنّ ما يمرّ بكم في البحرين من بلاء قد شارككم فيه قبلاً إخوة لكم في العراق وسوريا واليمن وغيرها، فقد اُزهقت نفوس طاهرة، وانتُهكت أعراض شريفة، وشُرّدت اُسر مظلومة بمال وسلاح سعودي وفكر تكفيريّ وهّابيّ بدويّ، ودعم وتأييد استكباريّ تترأسه أمريكا وبريطانيا وأذنابهما.. ففاق صبر إخوانكم وجلدهم كلّ مخطّطات أعدائهم، وكان في مقاومتهم الباسلة مثالاً تحتذي به الشعوب المقهورة والاُمم المستضعفة.. وصاروا اليوم بتأیید من اللّه تعالى قاب قوسين أو أدني من النصر النهائيّ.. وأنتم أبنائي الأعزّة لجديرون بأن تسطّروا الملاحم، وتخلقوا الأمجاد، وتركّعوا عدوّكم مهما استعان بجلاوزة أعراب، وجهلة اُجراء.. فإنّ الواجب الدينيّ والوطنيّ يقتضي اليوم أن يقف المؤمنون وكلّ من استطاع الدفاع وقفة أبيّة تسطّرون بها ملاحم سلفكم الصالح في بدر واُحد وكربلاء في الدفاع عن إسلامكم ورموزكم وقياداتكم الدينيّة، والذبّ عن أعراضكم وسيادتكم.. فاصبروا وصابروا ورابطوا ﴿ولَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيما﴾ النساء: 104.
وإنا للّه وإنا إليه راجعون.
27 شعبان / 1438 هـ
كاظم الحسينيّ الحائريّ
المصدر: وكالات