كان آية الله البروجردي حين إلقائه المحاضرات الفقهية يتّبع النهج التالي:
1. إذا كانت المسألة ذات تاريخ عريق في الفقه الإسلامي من عصر الصحابة والتابعين والأئمّة المعصومين إلى يومنا هذا، درج في بيان سيرها التاريخي وما مرّت عليه من مراحل تاريخية، ولم يكن ذلك من خصائصه في الفقه فحسب، بل كان يدخل من هذا الباب في المسائل الأُصولية أيضاً. مثلاً كان قدَّس سرَّه يدرّس مبحث «العام والخاص» وكانت المسألة المعنونة هي: صيرورة العام مجازاً بعد التخصيص وعدمها، فخاض في لباب تاريخ المسألة حتى وصل إلى النتيجة التالية: بأنّ المسألة عنونت في أوائل القرن الرابع، ثمّ ذكر الآراء من ذلك العصر إلى يومنا هذا. وهذه من خصائصه فكان يرى أنّ الإحاطة بالأقوال من أركان الاستنباط، ومع أنّه كان يمتلك أكثر الكتب الفقهية للفريقين مخطوطها ومطبوعها، ولكنّه كان يعتمد في نقل الآراء على كتاب «الخلاف» للطوسي و «تذكرة الفقهاء» و «منتهى المطلب» للعلاّمة الحلّي.
وكثيراً ما ينقل الآراء الفقهية لأصحابها حسب تدرّجها الزماني حتى يعلم تطور المسألة، وربما يشير إلى مباني الآراء عند ذكرها إشارة عابرة.
2. ثمّ إنّه بفضل التركيز على نقل آراء فقهاء الفريقين والإشارة إلى بعض الأدلّة، كان لمنهج فقهه صبغة الفقه المقارَن، فيذكر آراء الفقهاء و بعض أدلّتهم
وربّما يصحّح وأُخرى يناقش بصدر رحب، وكثيراً ما يعتمد على كتاب «الأُم» للشافعي و «الموطّû لمالك، و عندما يجلس على منصة التدريس يحس الطالب أنّه فقيه متضلّع خبير بكافة الآراء الفقهية لجميع المذاهب الإسلامية، وهذا كان من أبرز سمات منهجه، ولم يكن استيعابه للصحاح و المسانيد بأقل من استيعابه للكتب الأربعة.
3. انّ السيد البروجردي كان يقيم للشهرة الفتوائية أو العملية ـ على الفرق الواضح بينهما ـ قيمة كبيرة، فإذا كانت الرواية ممّن أفتى بها القدماء من الفقهاء لم يكن يعدل عنها، بل انّه كان يتبع هذا الأُسلوب فيما لو كانت هناك فتوى مشهورة بين القدماء و إن لم تعضد بالدليل، و كان يقيم الأدلّة على حجّية الشهرة الفتوائية للقدماء بما لا مجال لبيانه.
4. انّه قدَّس سرَّه يذكر حول الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت ـ عليهم السَّلام ـ كلمة معروفة، مضمونها كالتالي: كما أنّ للآيات القرآنية شأن نزول، فهكذا لروايات أئمّة أهل البيت أسباب ورود، ولا يعلم إلاّ بالرجوع إلى فتاوى الفقهاء المعاصرين لهم، فبالتعرف على فتاواهم تعرف إشارات الإمام في كلامه ولطائف مقاله، كما تعرف بها الرواية الصادرة عن مصلحة الراوي من الرواية الواردة لبيان الواقع، وكان تلاميذ الأئمة على اطّلاع بكلا النوعين من الفتيا; فإذا وصل إليهم فتاوى الصادقين يعرفون ما هو الوارد لبيان الواقع، فيصفونه بأنّه أعطاه من عين صافية. و ما هو الوارد على وفق الواقع لمصالح اقتضت ذلك، فيصفونه بأنّه أعطاه من جراب النورة.
5.ومن مميّزات منهجه الفقهي في استنباط الأحكام هو انّه كان يلتزم بقراءة كلّ رواية وردت حول المسألة في ومسائل الشيعة والمستدرك و ما في الصحاح والسنن، و كان يقرأ كلّ رواية بسندها التام، ويذكر خصوصية أكثر الرواة غير المعروفين وانّه من أي طبقة من الطبقات، وكثيراً ما ينبّه على سقوط الواسطة، أو طروء تقليب، أو تصحيف على الرواية أو يشير إلى عدد رواياته قلّة وكثرة.
وفي ظل الإحاطة بالأسانيد كان يجهد في توحيد الروايات، فيُرجع الروايات المتعدّدة ظاهراً إلى أصل واحد، قائلاً: بأنّ التكثّر طرأ عليها من قبل الوسائط. وهذا كان من اختصاصاته في الفقه.
6. كان قدَّس سرَّه يجهد في أن يذكر لكلّ مسألة الدليل المهم الذي يمكن أن يستند إليه المجتهد، وينأى بنفسه عن ذكر الأدلّة الضعيفة ومناقشاتها صيانة لوقت الطالب.
هكذا كانت محاضرات سيدنا الأُستاذ الراحل ومنهجه الفقهي الذي أصبح فيما بعدُ المنهجَ الرسمي السائد على الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة.