خاص الكوثر_ فلسطين الصمود
فما بدا في قطاع غزة قبل 36 عاماً توسع سريعاً فقد جعل الفلسطينيون حينها الحجر سلاحاً للتصدي للدبابات الاسرائيلية وتيمناً بهذا السلاح، عرفت الانتفاضة الأولى بـ"انتفاضة الحجارة".
ظنّت قيادة الاحتلال الإسرائيلي أنّ ما حدث نهاية العام 1987 هو "رد فعل مؤقت"، ولم يدرك الاحتلال أنّ الحجارة والعمليات الأولى على مدار 6 سنوات (لغاية العام 1993) ستخلق أرضية العمل الفلسطيني المسلّح في فلسطين المحتلّة، وخصوصاً ضمن تنظيمات وفصائل نشأت انسجاماً مع الحالة الشعبية المستنكرة للاحتلال وممارساته.
بعد أيام على انتفاضة الحجارة، انطلقت حركة المقاومة الإسلامية – حماس على يد مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، وحملت مبدأ مفاده أنّ "مقاومة الاحتلال، بالوسائل والأساليب كافة، حقّ مشروع".
وبالاستناد إلى هذا المبدأ، انشغلت "حماس"، وجناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسّام، بتطوير قدراتها العسكرية، ولاحقاً ترسانتها الصاروخية. وفي كلّ معركة تخوضها ضد الاحتلال، كانت تحمل له مفاجأة تكشف عن جديد في التصنيع المحلي في غزّة، رغم شحّ الإمكانات والحصار، إلى أن وصلت إلى ما تملكه اليوم في معركة "طوفان الأقصى".
وصلت كتائب القسّام إلى مفاجأتها الأكبر حتى عامنا الجاري، وذلك بمعركة "طوفان الأقصى" التي حملت طابعاً مختلفاً عن المعارك السابقة. القصف الصاروخي فيها ليس وحده الحدث الرئيس، بل إنّ المواجهات البريّة مع قوات الاحتلال المتوغّلة في القطاع منحت قذيفة "الياسين 105" أهميتها. وقد ذاع صيتها كثيراً، وتمّ تداول اسمها بشكل متكرر.
لم يقتصر تطوّر كتائب القسام على الترسانة الصاروخية أو تصنيع القذائف، فقد أدى التصنيع المحلي إلى حيازة المسيرات: "أبابيل"، و3 نماذج (A1A ،A1B ،(A1C التي تتوزّع مهماتها بين الاستطلاع والهجوم، و"شهاب"، و"الزواري"، نسبة إلى الشهيد المهندس التونسي محمد الزواري. وقد اعتمدت عليها القسّام في الهجوم الأوّل يوم السابع من أكتوبر.
هذا التطوّر من الأسلحة الأولى والعبوات والحجر نحو الصواريخ والقذائف المتطوّرة ضاعف الخسائر في صفوف الاحتلال، فمن 383 قتيلاً إسرائيلياً بين جندي ومستوطن في انتفاضة الحجارة، تجاوز عدد القتلى الإسرائيليين 1500، بينهم أكثر من 400 جنديّ قتيل، في "طوفان الأقصى"، من بينهم أكثر من 90 جندياً في المعارك البريّة تحديداً. ولا يزال الاحتلال يعدّ خسائره البشرية والمادية من آليات وأضرار في المواقع والمستوطنات.