كانت السيدة خديجة (رضي الله عنها) من خيرة نساء قريش، وأكثر نسائهم مالاً، وأجملهم حسناً، وكانت تُدعى في العصر الجاهلي بـ (الطاهرة) و (سيّدة قريش).
وقد خطبها أكابر قريش وبذلوا الأموال لذلك، ومنهم: عقبة بن أبي معيط، والصلت بن أبي يهاب، وأبو جهل، وأبو سفيان، فرفضتهم كاملاً وأبدت رغبتها بالاقتران بالنبيّ(صلى الله عليه وآله)؛ لما عرفت عنه من النبل، وسموّ نسب، وشرف وعفّة، وأخلاق لا تُضاهى، وصفات كريمة فائقة.
خطبة السيّدة خديجة(رضي الله عنها)
قال الإمام جعفر الصادق(عليه السلام): «لمّا أراد رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يتزوّج خديجة بنت خويلد، أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش، حتّى دخل على ورقة بن نوفل عمّ خديجة، فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال: الحمد لربّ هذا البيت، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرّية إسماعيل، وأنزلنا حرماً آمناً، وجعلنا الحكّام على الناس، وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه.
ثمّ إنّ ابن أخي هذا ـ يعني رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ ممّن لا يُوزن برجلٍ من قريش إلّا رجح به، ولا يُقاس به رجل إلّا عظم عنه، ولا عدل له في الخلق، وإن كان مقلاًّ في المال فإنّ المال رِفدٌ جارٍ، وظلٌّ زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهر عليَّ في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله، وله ـ وربّ هذا البيت ـ حظّ عظيم، ودِين شائع، ورأي كامل.
ثمّ سكت أبو طالب، وتكلّم عمّها وتلجلج، وقصر عن جواب أبي طالب، وأدركه القطع والبهر، وكان رجلاً من القسّيسين، فقالت خديجة مبتدئة: يا عمّاه، إنّك وإن كنت أولى بنفسي منّي في الشهود، فلستَ أولى بي من نفسي، قد زوّجتك يا محمّد نفسي، والمهر عليّ في مالي، فأمر عمّك فلينحر ناقة فليولم بها، وادخل على أهلك.
قال أبو طالب: اشهدوا عليها بقبولها محمّداً وضمانها المهر في مالها.
فقال بعض قريش: يا عجباه! المهر على النساء للرجال؟ فغضب أبو طالب غضباً شديداً، وقام على قدميه، وكان ممّن يهابه الرجال ويُكره غضبه، فقال: إذا كانوا مثل ابن أخي هذا، طُلبت الرجالُ بأغلى الأثمان وأعظم المهر، وإذا كانوا أمثالكم لم يُزوّجوا إلّا بالمهر الغالي. ونحر أبو طالب ناقة، ودخل رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأهله»(1).
تاريخ الزواج
۱۰ ربيع الأوّل ۱۵ عاماً قبل البعثة.
.................................
1- الكافي 5/ 374