نقول لأن كلمة (شهيد) مصطلح إسلامي خاص، يطلق على الذي يقتل في ساحة الحرب مع أعداء الإسلام ودفاعاً عنه بأمر وإذن من النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام أو نائبه.
وحكم هكذا قتيل أن لا يغسل ولا يكفن بل يصلى عليه فقط ويدفن بثيابه التي قتل فيها. ويسمى حينئذ (شهيداً) لأنه يبعث يوم القيامة على هيئته التي دفن عليها وبدمائه وجراحاته فيشاهده الناس في المحشر ويعلمون أنه مقتول في سبيل الله تعالى. وقيل في تسميته بالشهيد وجوه أخرى وما ذكرناه أقرب إلى الصواب.
وأجر الشهيد عظيم جداً عند الله سبحانه بحيث لا يوجد عمل بعد الإيمان بالله أفضل من الشهادة في سبيله. الشهادة كفارة لكل الذنوب. والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون. ولكنهم ليسوا في الفضل والأجر والمقام سواء. بل يتفاوتون بتفاوت مواقفهم ونياتهم. فكلما كان موقف الشهيد أشد حراجة وأكثر تأثيراً وأصعب من حيث الظروف كان أجره أكثر ودرجته عند الله أرفع. كما أنه كلما كان موقف الشهيد أكثر اخلاصاً وأبعد عن آمال النصر والغنيمة والربح المادي كان فضله أكثر. فشهداء معركة بدر مثلاً أفضل من شهداء معركة أحد لهذا السبب بالذات.
ونحن نعلم أن موقف شهداء كربلاء يوم العاشر من المحرم فاق مواقف جميع الشهداء في العالم حراجة وشدة ومن حيث النتائج والآثار لصالح الحق، إذ وقف بضع عشرات من الرجال والصبيان وهم عطاشى جياعى محصورين أمام عشرات الآلاف من الجنود المدججين بالسلاح والمجهزين بكل وسائل القوة. هذا من حيث حراجة الموقف، وأما من حيث خلوص النية فنحن إذا تذكرنا أن شهداء الطف لم يكن عندهم أدنى أمل ولا أقل احتمال في الغلبة والنصر على العدو ولا في غنيمة أو جائزة أو أي نوع من الربح المادي من وراء ذلك الموقف، ثم إذا عرفنا أن موقفهم أحيا الدين وأبقاه وصانه من المحو وحفظه من خطر الزوال الكلي على يد أعداء الله بني أمية، أقول: إذا عملنا بكل ذلك واعترفنا به فحينئذ لا نستغرب القول بأن شهداء كربلاء وعلى رأسهم سيدهم الامام الحسين (عليه السلام) هم سادات الشهداء في العالم كله أي أفضلهم مقاماً وأكثرهم أجراً عند الله ورسوله. وإن لقب سيد الشهداء أليق وأجدر بالامام الحسين (عليه السلام) من كل شهيد آخر.