وظاهر آيات القرآن الكريم المختلفة تؤكد على أن إسماعيل (ع) هو ذبيح الله، وذلك للأسباب التالية:
أولا: في إحدى آيات القرآن الكريم نقرأ وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين. (الصافات، 112) هذه العبارة توضح بصورة جيدة، أن الله سبحانه وتعالى بشر إبراهيم بولادة إسحاق بعد قضية الذبح، نتيجة تضحياته، ولهذا فإن قضية الذبح لا تخصه أبدا، إضافة إلى أن الباري عز وجل عندما يبشر أحدا بالنبوة، فذلك يعني بقاء ذلك الشخص حيا، وهذا لا يتناسب مع قضية الذبح التي خصت غلاما.
ثانيا: نقرأ في الآية 71 من سورة هود، قوله تعالى: (... فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) هذه الآية توضح أن إبراهيم (ع) كان مطمئنا على بقاء ولده إسحاق(ع)، وأن الله سيرزق إسحاق ولدا اسمه يعقوب، وهذا يعني أن الذبح لا يشمله أبدا. فالذين اعتبروا إسحاق هو الذبيح، يبدو أنهم لم يأخذوا بنظر الاعتبار حقيقة هذه الآيات.
ونقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديث موثوق، جاء فيه: " أنا ابن الذبيحين " والمقصود من الذبيحين، الأول هو والده (عبد الله) الذي كان أبوه عبد المطلب قد نذر بذبحه تقربا إلى الله تعالى والذي (فداه) بأمر من الله ب (100) بعير، وقصته معروفة، والثاني هو (إسماعيل) لأن من الأمور الثابتة كون نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) هو من أبناء إسماعيل وليس من أبناء إسحاق (تفسير مجمع البيان).
وورد في الدعاء الذي رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، (يا من فدا إسماعيل من الذبح) (نور الثقلين، المجلد 4، الصفحة 421)
وجاء في روايات أخرى عن الإمامين المعصومين الباقر والصادق (عليهما السلام)، أنهما أجابا على أسئلة تستفسر عن الذبيح، فأجابا أنه إسماعيل.
وجاء في حديث نقل عن الإمام الرضا (عليه السلام) " لو علم الله عز وجل شيئا أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل " (نور الثقلين، المجلد 4، الصفحة 422)
خلاصة الأمر، هو أن الروايات والأحاديث التي وردت بهذا الشأن كثيرة، وإذا أردنا استعراضها جميعا، فإن البحث يتسع كثيرا.
وفي مقابل هذه الروايات الكثيرة المتناسبة مع ظاهر الآيات القرآنية، هناك روايات شاذة تدل على أن إسحاق هو المقصود (بذبيح الله) ولا تتطابق مع روايات المجموعة الأولى ولا مع ظاهر الآيات القرآنية.
وبغض النظر عما قيل، فهناك قضية مسلم بها، وهي أن الطفل الذي جاء به إبراهيم مع امه إلى مكة المكرمة بأمر من الله ثم تركهما هناك، وساعده من بعد في بناء الكعبة المشرفة، وأدى مراسم الطواف والسعي هو إسماعيل، وهذا يدل على أن الذبيح هو إسماعيل، لأن عملية الذبح تكمل الأعمال المذكورة أعلاه.
مما يذكر أن كتاب (التوراة) الحالي والمعروف بالعهد القديم يؤكد على أن الذبيح كان إسحاق.
هنا يستشف أن بعض الروايات الإسلامية غير المعروفة والتي تؤكد على أن إسحاق هو (ذبيح الله) متأثرة ببعض الروايات الإسرائيلية، ويحتمل أن اليهود وضعوها، وذلك لأنهم من ذرية (إسحاق)، وقد حاولوا نسب هذا الفخر لهم، حتى ولو كان عن طريق تزييف التاريخ والوقائع والحقائق، وسلبه من المسلمين الذين كان نبيهم نبي الرحمة أحد أحفاد إسماعيل (ع) .