في وقت بات فيه الرجل بلا حاضنة سياسية، وانخفضت شعبيته إلى أدنى مستوى لها، منذ تسميته رئيسا للحكومة الانتقالية في 21 آب 2019. مع ذلك، تتعالى التحذيرات من مغبة إقدام حمدوك على تقديم استقالته، بعدما بات أشبه بـ«رمانة الميزان»، في لعبة محفوفة بالمخاطر.
وفي هذا الإطار، يحذر المحلل السياسي، جمال الدين حسن، من أن استقالة حمدوك، إن حصلت، «ستضع البلاد في فراغ سيخلف كوارث غير مسبوقة، ولربما يؤدي إلى انهيار الدولة»، مضيفا، في حديث إلى «جريدة الأخبار»، أن هذا السيناريو «سيدفع العسكريين وحلفاءهم من قادة الحركات المتمردة السابقة، إلى استدعاء كوادر النظام السابق، كما فعلوا عقب انقلابهم مباشرة، وهذا يعني ببساطة إثارة الشارع أكثر مما هو عليه، وبالتالي اندفاع الجميع إلى حمل السلاح وخوض معركة دموية مفتوحة في بلد يعد من بين أفقر دول العالم». ووفقا لحسن، فإن البرهان ونائبه، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، «يخشيان من أن تفضي مغادرتهما رئاسة المجلس إلى محاكمتهما»، وهو ما دفعهما «إلى تنفيذ انقلاب 25 تشرين الأول، فأدخلا البلاد في نفق مظلم، وأربكا المشهد السياسي، الأمر الذي فاقم من تردي الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية».
وفي الاتجاه نفسه، تعتقد الصحافية آمنة بابكر أن استقالة حمدوك ستكون بمثابة «بداية لتفكّك السودان كدولة». وتضيف بابكر، في تصريح إلى «الأخبار»، أن هكذا خطوة «ستُفاقم من حالة الاستقطاب الحادّة الناجمة عن الانقلاب، حيث شرع البرهان وحميدتي في التزلّف إلى زعماء القبائل وقادة الحركات المسلّحة المُوقِّعة على اتفاق جوبا للسلام 2020، من أجل الحصول على مساندة لم ولن يجدوها من الشارع، فيما تعاني الأحزاب السياسية ضعفاً بنيوياً وهيكلياً». ولعلّ تلك المخاوف هي ما تجعل أغلب الأحزاب، وعلى رأسها «حزب الأمّة القومي» (الأكبر في البلاد) - على رغم إخراجه من الحكومة ورفضه الانقلاب واتفاق البرهان - حمدوك -، تستميت في محاولتها ثنْي رئيس الوزراء عن عزمه تقديم استقالته.
وتَعتبر بابكر أنه في مثل هذا التوقيت، وبينما البلاد تمرّ بمنعطف خطير، فإن استقالة حمدوك «تعني ببساطة ذهاب البلاد إلى كارثة»، داعيةً «القوى السياسية والمدنية ولجان المقاومة ومنظّمات المجتمع المدني، إلى أن تعي ذلك وتعمل بتجرّد من أجل المصالح العليا للبلاد»، وأن «تستوعب أن حمدوك أصبح الفرس الرابحة في المعادلة السياسية الراهنة، وإلا لما تمسّك به الانقلابيون، ولما سعت بعض الأحزاب الكبيرة إلى ثنيه عن الاستقالة، ولما تشبّث به المجتمع الدولي، لذلك لا ينبغي أن يُترك وحيداً بين سندان العسكر ومطرقة الفلول».