لَمَّا عَزَمَ الامام الحسين (ع) عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ قَامَ خَطِيباً، فَقَالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ وما شاءَ اللَّهُ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَآلِهِ، خُطَّ الْمَوْتُ عَلَى وُلْدِ آدَمَ مَخَطَّ الْقِلَادَةِ عَلَى جِيدِ الْفَتَاةِ، وَمَا أَوْلَهَنِي إِلَى أَسْلَافِي اشْتِيَاقَ يَعْقُوبَ إِلَى يُوسُفَ، وَخُيِّرَ لِي مَصْرَعٌ أَنَا لَاقِيهِ، كَأَنِّي بِأَوْصَالِي تَقَطَّعُهَا عُسْلَانُ الْفَلَوَاتِ، بَيْنَ النَّوَاوِيسِ وَكَرْبَلَاءَ فَيَمْلَأَنَّ مِنِّي أَكْرَاشاً جُوفاً، وَأَجْرِبَةً سُغْباً، لَا مَحِيصَ عَنْ يَوْمٍ خُطَّ بِالْقَلَمِ، رِضَى اللَّهِ رِضَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ، نَصْبِرُ عَلَى بَلَائِهِ ويُوَفِّينَا أُجُورَ الصَّابِرِينَ، لَنْ تَشُذَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) لَحْمَةٌ هِيَ مَجْمُوعَةٌ لَهُ فِي حَظِيرَةِ الْقُدْسِ تَقَرُّ بِهِمْ عَيْنُهُ، وَيُنَجَّزُ لَهُمْ وَعْدُهُ، مَنْ كَانَ بَاذِلًا فِينَا مُهْجَتَهُ وَمُوَطِّناً عَلَى لِقَاءِ اللَّهِ نَفْسَهُ، فَلْيَرْحَلْ فَإِنِّي رَاحِلٌ مُصْبِحاً، إِنْ شَاءَ للَّهُ).
مواقف بعض وجهاء المسلمين من نهضة الإمام الحسين (ع).
جاءت شخصيات معروفة في مكّة إلى الإمام الحسين(ع) تُنهيه عن الخروج إلى العراق، ولكنّ الإمام(ع) رفض ذلك.
في الليلة التي أراد الامام الحسين (ع) الخروج في صبيحتها عن مكة جاءه أخوه "محمد بن الحنفية (رض)" قائلاً له: يا أخي، إنّ أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى، فإن رأيت أن تُقيم، فإنّك أعزّ مَن بالحرم وأمنعه، فقال(ع): (يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم، فأكون الذي يُستباح به حرمة هذا البيت(.
فقال له ابن الحنفية : فان خفت ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحي البر، فإنك أمنع الناس به، ولا يقدر عليك أحد.
فقال الامام (ع) : (أنظر فيما قلت (.
فلما كان السحر ارتحل الامام الحسين (ع)، فبلغ ذلك ابن الحنفية ، فأتاه ، فأخذ زمام ناقته وقد ركبها فقال : ياأخي ألم تعدني النظر فيما سألتك؟
فقال (ع): بلى
قال: فما حداك على الخروج عاجلاً؟
فقال الامام (ع): (أتاني رسول الله (ص) بعدما فارقتك ، فقال: يا حسين ، أخرج ، فإن الله قد شاء أن يراك قتيلاً (
فقال محمد بن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال؟
فقال (ع) له : (قد قال (ص) لي : إن الله قد شاء أن يراهن سبايا) ، وسلم عليه ومضى .
*****
وجاءه عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وغيرهما، والحسين (ع) يقول لهم: (وأيم الله لو كنت في جحر هامّة من هذه الهوام لاستخرجوني حتّى يقتلوني، والله ليعتدن عليَّ كما اعتدت اليهود في السبت، والله لا يدعونّي حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم مَن يذلّهم، حتّى يكونوا أذلّ من فَرام المرأة).
وجاءه عبد الله بن عباس فنهاه عن الخروج، فقال له الحسين (ع): (استخير الله، وأنظر ما يكون(.
ومن الذين جاؤوا: أبو بكر عمر بن عبد الرحمن المخزومي، فقال له الامام الحسين (ع): (جزاك الله خيراً يابن عمِّ، قد اجتهدت رأيك، ومهما يقض الله يكن).
إقرأ أيضا: مع الامام الحسين (ع) في نهضته... (3) أخذ البيعة ليزيد