أنواع الصوم :
وللتعرف على أنواع الصوم الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح، نذكر ما رواه الزُّهْرِيُّ عَنْ الإمام عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زين العابدين (عليه السلام) قَالَ :
قَالَ لِي يَوْماً يَا زُهْرِيُّ : مِنْ أَيْنَ جِئْتَ ؟
فَقُلْتُ : مِنَ الْمَسْجِدِ .
قَالَ (ع): فِيمَ كُنْتُمْ ؟
قُلْتُ : تَذَاكَرْنَا أَمْرَ الصَّوْمِ فَاجْتَمَعَ رَأْيِي وَ رَأْيُ أَصْحَابِي عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الصَّوْمِ شَيْءٌ وَاجِبٌ إِلَّا صَوْمُ شهر رمضان المبارك .
فَقَالَ (ع): يَا زُهْرِيُّ لَيْسَ كَمَا قُلْتُمْ ، الصَّوْمُ عَلَى أَرْبَعِينَ وَجْهاً ، فَعَشَرَةُ أَوْجُهٍ مِنْهَا وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ مِنْهَا صِيَامُهُنَّ حَرَامٌ ، وَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْهَا صَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَ إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ ، وَ صَوْمُ الْإِذْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، وَ صَوْمُ التَّأْدِيبِ ، وَ صَوْمُ الْإِبَاحَةِ ، وَ صَوْمُ السَّفَرِ ، وَ الْمَرَضِ .
قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ فَسِّرْهُنَّ لِي .
قَالَ (ع): أَمَّا الْوَاجِبَةُ :
فَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ .
وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ (المجادلة: 3 ).
﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ... ﴾ (المجادلة:4).
وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِيمَنْ أَفْطَرَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ .
وَ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْعِتْقَ وَاجِبٌ ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ ... وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ (النساء: 92) .
وَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَاجِبٌ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ ... فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ... ﴾ (المائدة:89) ، هَذَا لِمَنْ لَا يَجِدُ الْإِطْعَامَ ، كُلُّ ذَلِكَ مُتَتَابِعٌ وَ لَيْسَ بِمُتَفَرِّقٍ .
وَ صِيَامُ أَذَى حَلْقِ الرَّأْسِ وَاجِبٌ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ ... فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ... ﴾ (البقرة: 196) ، فَصَاحِبُهَا فِيهَا بِالْخِيَارِ ، فَإِنْ صَامَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .
وَ صَوْمُ الْمُتْعَةِ وَاجِبٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ ... فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ... ﴾ (البقرة: 196) .
وَ صَوْمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَاجِبٌ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : ﴿ ... وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ... ﴾ (المائدة:95)، أَ وَ تَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً يَا زُهْرِيُّ ؟
قُلْتُ لَا أَدْرِي.
قَالَ (ع): يُقَوَّمُ الصَّيْدُ قِيمَةً قِيمَةَ عَدْلٍ ، ثُمَّ تُفَضُّ تِلْكَ الْقِيمَةُ عَلَى الْبُرِّ ، ثُمَّ يُكَالُ ذَلِكَ الْبُرُّ أَصْوَاعاً فَيَصُومُ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْماً .
وَ صَوْمُ النَّذْرِ وَاجِبٌ .
وَ صَوْمُ الِاعْتِكَافِ وَاجِبٌ .
وَ أَمَّا الصَّوْمُ الْحَرَامُ :
فَصَوْمُ يَوْمِ الْفِطْرِ ، وَ يَوْمِ الْأَضْحَى ، وَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ أُمِرْنَا بِهِ وَ نُهِينَا عَنْهُ ، أُمِرْنَا بِهِ أَنْ نَصُومَهُ مَعَ صِيَامِ شَعْبَانَ ، وَ نُهِينَا عَنْهُ أَنْ يَنْفَرِدَ الرَّجُلُ بِصِيَامِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ .
فَقُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَامَ مِنْ شَعْبَانَ شَيْئاً كَيْفَ يَصْنَعُ ؟
قَالَ : يَنْوِي لَيْلَةَ الشَّكِّ أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ شَعْبَانَ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَجْزَأَ عَنْهُ ، وَ إِنْ كَانَ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَضُرَّهُ .
فَقُلْتُ : وَ كَيْفَ يُجْزِئُ صَوْمُ تَطَوُّعٍ عَنْ فَرِيضَةٍ ؟
فَقَالَ : لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَامَ يَوْماً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعاً وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدُ بِذَلِكَ لَأَجْزَأَ عَنْهُ ، لِأَنَّ الْفَرْضَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ .
وَ صَوْمُ الْوِصَالِ حَرَامٌ .
وَ صَوْمُ الصَّمْتِ حَرَامٌ .
وَ صَوْمُ نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ حَرَامٌ .
وَ صَوْمُ الدَّهْرِ حَرَامٌ .
وَ أَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي صَاحِبُهُ فِيهِ بِالْخِيَارِ :
فَصَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَ الْخَمِيسِ، وَ صَوْمُ الْبِيضِ، وَ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ .
وَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، فَكُلُّ ذَلِكَ صَاحِبُهُ فِيهِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَ إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ .
وَ أَمَّا صَوْمُ الْإِذْنِ :
فَالْمَرْأَةُ لَا تَصُومُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا .
وَ الْعَبْدُ لَا يَصُومُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ .
وَ الضَّيْفُ لَا يَصُومُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( ص) مَنْ نَزَلَ عَلَى قَوْمٍ فَلَا يَصُومُ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِمْ .
وَ أَمَّا صَوْمُ التَّأْدِيبِ :
فَأَنْ يُؤْخَذَ الصَّبِيُّ إِذَا رَاهَقَ بِالصَّوْمِ تَأْدِيباً ، وَ لَيْسَ بِفَرْضٍ .
وَ كَذَلِكَ الْمُسَافِرُ إِذَا أَكَلَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ قَدِمَ أَهْلَهُ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ، وَ لَيْسَ بِفَرْضٍ .
وَ أَمَّا صَوْمُ الْإِبَاحَةِ :
لِمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِياً ، أَوْ قَاءَ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ ، فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ وَ أَجْزَأَ عَنْهُ صَوْمُهُ .
وَ أَمَّا صَوْمُ السَّفَرِ وَ الْمَرَضِ :
فَإِنَّ الْعَامَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ قَوْمٌ يَصُومُ ، وَ قَالَ آخَرُونَ لَا يَصُومُ ، وَ قَالَ قَوْمٌ إِنْ شَاءَ صَامَ وَ إِنْ شَاءَ أَفْطَرَ ، وَ أَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ يُفْطِرُ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعاً ، فَإِنْ صَامَ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : ﴿ ... فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ... ﴾ (البقرة: 184)، فَهَذَا تَفْسِيرُ الصِّيَامِ .