وجاء في سؤال ورد لمكتب السيد السيستاني ونصه :"يُحكى عن سيدّنا المرجع آية الله علي السيستاني أنّه لا يأخذ أحياناً بشهادات الشهود على رؤية الهلال إذا خالفت إخبار الفلكيين بعدم قابليته للرؤية مع أنّ الشهادات حسّية والإخبار حدسي، فما الوجه في ذلك؟
فكان الجواب: إنّ إخبار الفلكيين على قسمين:
١ـ ما يعتمد الحسابات الرياضية ولا يتخلّله الاجتهاد والحدس الشخصي كإخبارهم عن زمان ولادة الهلال ووقت خروجه من المحاق ومقدار ارتفاعه فوق الأفق ونسبة القسم المنار إلى أكبر قطر يبلغه القرص ونحو ذلك، ولا يحدث عادةً اختلاف بين الفلكيين في هذا القسم، نعم ربما يخطئُ بعضهم في المحاسبة.
٢ـ ما يخضع للحدس والاجتهاد ويعتمد التجربة والممارسة، كقول بعضهم أنّ الهلال لا يكون قابلاً للرؤية إلّا إذا كان بارتفاع ٦ درجات فوق الأفق أو بعمر ٢٢ ساعة أو ببُعد كذا عن الشمس وأشباه ذلك، وفي هذا القسم يكثر الاختلاف في وجهات النظر.
فإذا كانت شهادات الشهود على رؤية الهلال مخالفة لإخبار الفلكيين من القسم الأوّل يحصل عادةً العلم أو الاطمئنان بخطأ الشهادة إذا أخبروا وفق حسابات دقيقة أنّ الهلال بعدُ في المحاق أو أنّه قد غرب قبل غروب الشمس ومع ذلك شهد اثنان أو أزيد برؤيته.
وأمّا إذا كانت الشهادات مخالفة لإخبار الفلكيين من القسم الثاني فربما يحصل الاطمئنان بخطأ الشهادات ــ بتجميع القرائن والشواهد ــ وربما لا يحصل الاطمئنان بذلك، وإن لم يحصل وكان من ضمن الشهود عدلان تتوفّر في شهادتهما شروط الحجيّة لزم العمل بمقتضاها ولا أثر للظن بخلافها.
وبالجملة : إنّ من شروط حجّية البيّنة (شهادة العدلين) على رؤية الهلال هو عدم العلم أو الاطمئنان باشتباهها، فإن حصل العلم أو الاطمئنان بذلك ولو من إخبار الفلكي ــ مثلاً ــ بكون الهلال بعدُ في المحاق أو بكونه بعدُ رفيعاً جدّاً بحيث لم ير مثله بالعين المجرّدة من قبل فلا عبرة بالبيّنة، وإلّا يؤخذ بها ولا أثر لإخبار الفلكي.