عدّ المؤرّخون عبد الله بن بُديل من عظماء أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وأعيانهم‏ ، وأحد دُهاة العرب الخمسة .
اشترك عبد الله في الثورة على عثمان، ثمّ كان إلى جانب الإمام علي (ع) عضداً صلباً وصاحباً مُضحّياً، وشهد معه معركتي الجمل وصفين، وكان في‏ صفّين قائد الرجّالة أوقائد الميمنة، وتولّى رئاسة قُرّاء الكوفة أيضاً .
دافع عبد الله عن إمامه حتى آخر لحظة من حياته بكلّ ما اُوتي من جُهد .
تدلّ خُطبه وأقواله على أنّه كان على بصرة من دينة، فهو يتمتّع بوعيٍ عظيم في معرفة أوضاع عصره، واُناس زمانه، ودوافع أعداء الإمام أمير المؤمنين (ع).
وقف عبد الله بن بُديل في صفين بكلّ ثبات، وقال: إنّ معاوية ادّعى ما ليس له، ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحقّ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، وزيّن لهم الضلالة ... وأنتم والله على نورٍ من ربّكم، وبرهانٍ مبين .
في معركة صفين دنا عبد الله بن بُديل من معاوية بشجاعة محمودة وصولة لا هوادة فيها ، فلمّا رأى معاوية أنّ الأرض قد ضاقت عليه بما رحُبت، أمر أن يرضخ بالصخر والحجارة ويُقضى عليه، فاستشهد عبد الله سنة ٣٧ هـ، وسمّاه معاوية كبش القوم، وذكر شجاعته واستبساله متعجّباً، وأنّه لا نظير له في القتال .
وعندما طلب منه رفيق دربه وصاحبه (الأسود بن طهمان الخزاعي) أن يوصيه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ، قال : اُوصيك بتقوى الله ، وأن تناصح أمير المؤمنين ، وأن تقاتل معه المحلّين حتى يظهر الحقّ أو تلحق باللَّه ، وأبلغه عنّي السلام… .

ولما بلغ الإمام علي (ع) استشهاده قال: رحمه الله ! جاهد معنا عدوّنا في الحياة ، ونصح لنا في الوفاة .
 ((مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ ۖ فَمِنهُم مَن قَضىٰ نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ ۖ وَما بَدَّلوا تَبديلًا)) سورة الأحزاب المبارکة آیة ۲۳.

إقرأ أيضا: رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (25) عامر بن واثلة (رضوان الله عليه)