من جهةٍ أخرى فقد قام اللعينُ عبيدُ الله بن زياد بإحكام سيطرته على الكوفة، ومنع ساكنيها من نصرة الإمام الحسين(عليه السلام) بفرض طوقٍ عسكريّ حولها.
وواصَلَ بإرسال جماعةٍ إلى الكوفة ليطوفوا بين الناس ويأمروهم بالطاعة والاستقامة، ويخوّفوهم عواقب الأمور لمن عصى وسبّب الفتنة ويحثّوهم على اللّحوق بجيش يزيد(عليه لعائن الله)، ولَم يزل ابنُ زياد يرسل العساكر إلى ابن سعد حتّى تكامل عنده ثلاثون ألفاً، وجعل قيادة الجيش بيده، وتؤكّد بعض الروايات أنّ الجيش الذي واجه الحسين(عليه السلام) وصل عدده إلى ثلاثين ألف رجل بين راكبٍ وراجل، ووضع ابنُ زياد المراقبين في الأماكن العالية على الكوفة، لئلّا يلتحق من عسكره مَنْ يريد أن يكون مغيثاً وناصراً للحسين(عليه السلام)، ونظّم أفراداً حاملين أسلحتهم حولها.
وفي الجانب الآخر كان أهلُ بيت الإمام الحسين(عليه السلام) وأصحابُه (رضوان الله عليهم)، تزدادُ عزيمتهم وثباتهم في نصرة ابن بنت رسول الله حتّى الرمق الأخير، ولم تُخِفْهم أو تُرعِبْهم كثرةُ مَنْ أحاط بهم من جيوش، بل زادتهم عزيمةً وإصراراً لمواصلة الدفاع والذّود عن الإمام الحسين(عليه السلام)، فكانوا بحقٍّ كما عبّر عنهم (عليه السلام) في قوله: (فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهلَ بيتٍ أبرَّ ولا أوصلَ من أهل بيتي، فجزاكم اللهُ عنّي خيراً).