البحث عن الكفَّارات التي يستطيع الإنسان بها أن يُكفِّر عن ذنوبه وخطاياه، وسنخصِّص القول بالأحاديث الواردة عن الامام علي (عليه السلام) في هذا الشأن مع الاستشهاد ببعض ما نُقل عن الرسول وأولاده المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) بهذا الخصوص .
ولو فتَّشنا في تراث أمير المؤمنين (ع) لوجدنا فيه كثيرًا من الوسائل التي كشف عنها بوصفها كفَّارات فاعلة في تجاوز الذنوب، ولو تمعَّنا في تلك الوسائل لوجدناها أعمالاً عباديَّة ميسَّرة يستطيع العبد أن يفعلها بكلِّ يسرٍ وسهولة، وخاصة للذين أسرفوا على أنفسهم وغاصوا بالذنوب والمعاصي وشارفوا على نهاياتٍ أعمارهم، فإنَّ الوقت قد حان لتخفيف الأعباء عن الكواهل، والاستعداد للقاء بربٍّ كريمٍ في صورةٍ مقبولةٍ وعملٍ صالحٍ وذنبٍ مغفور.
وأمَّا الكفَّارات التي ذكرها الامام علي (ع) فمنها ما يكون كفَّارة للذنوب العظام، وقد أفصح عن ذلك في قوله (عليه السلام): ((مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَالتَّنْفِيسُ عَنِ الْمكْرُوبِ)).
وممَّا قيل في شرح هذا القول: ((الملهوف: المظلوم يستغيث، والتنفيس: التفريج من الغمّ الَّذي يأخذ بنفسه . وجعلها من كفّارات الذنوب العظام؛ لكونها فضيلة عظيمة تستلزم فضايل: كالرحمة والعدل والسخاء والمروّة وغيرها . وظاهر أنّ حصول هذه الملكات في النفس ممّا يستلزم ستر الذنوب ومحوها ومنافات ملكات السوء الَّتي يعبّر عنها بالسيّئات والذنوب)).
فإغاثة الملهوف وتفريج غمِّ المكروب من أعظم الكفَّارات؛ لكونها تستلزم غفران الذنوب العظام، ومن هنا علينا أن نجعل هذا الأمر ديدنًا بحياتنا على حسب استطاعتنا ومقدرتنا.