للمساجد في هذه الآية تفاسير عديدة منها:
أولا: قيل هي المواطن التي يسجد فيها للّه تعالى كالمسجد الحرام و بقية المساجد، و بشكل أعم هي الأرض التي يصلّي فيها و يسجد عليها، و هو مصداق القول الرّسول الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله): (جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا).
وهذا ردّ لمن اتّخذ الأصنام والأوثان للعبادة فأشرك باللّه، ومن اتّخذ الكعبة معبدا للأصنام، أو انصرف إلى إحياء الطقوس المسيحية حيث (التثليث) أو عبد الأرباب الثّلاثة في الكنائس واللّه تعالى يقول: (أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً).
ثانيا: المراد بالمساجد السبعة الأعضاء السبعة، فيجب أن يكون وضعها على الأرض خالصا للّه، ولا يجوز أن يكون لغيره، كما ورد في الحديث عن الإمام محمّد بن علي الجواد (عليهما السّلام) وهو يجيب المعتصم (بالشيطان) العباسي في مجلسه الذي كان قد جمع فيه رؤساء مذاهب مدرسة الخلافة، حيث سأله عن (يد السارق من أي موضع يجب أن تقطع)؟ فقال بعض الجالسين تقطع من الساعد واستدلوا في ذلك بآية التيمم، وقال آخرون من المرفق واستدلوا في ذلك بآية الوضوء، فأراد المعتصم (بالشيطان) جواب ذلك من الإمام الجواد (ع) فرفض و قال (ع): (أعفني عن ذلك) فأصرّ عليه المعتصم (بالشيطان).
فقال الإمام الجواد (ع): (ما قيل في ذلك خطأ، وإنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فتترك الكف). فقال: وما الحجّة في ذلك؟
قال الإمام (ع): قول رسول اللّه (ص): السجود على سبعة أجزاء، الوجه، واليدين، والركبتين، والرجلين، فإذا قطع من الكرسوع أو المرفق لم يدع له يد يسجد عليه، و قال اللّه تعالى شأنه: وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ ... أي إنّ هذه الأعضاء السبعة خاصّة للّه، فما كان للّه لا يقطع).
فتعجب المعتصم (بالشيطان) لجواب الإمام الجواد (ع) وأمر أن تقطع يد السارق من مفصل اصول الأصابع، كما قال الإمام (ع).
ثالثا: قيل إنّ المراد بالمساجد هو السّجود، أي أنّ السجود يجب أن يكون دائما للّه تعالى ولا يكون لغيره، وهذا خلاف ظاهر الآية حيث لا دليل عليه.
ويستفاد من مجموع ما قيل أنّ ما يناسب ظاهر الآية هو التّفسير الأوّل، وكذا يناسب ظاهر الآيات السابقة واللاحقة في شأن التوحيد، وتخصيص العبادة للّه، والتّفسير الثّاني يمكن أن يكون موسعا لمعنى الآية، وأمّا الثّالث فلا دليل عليه.
تفسير الامثل
إقرأ أيضا: قبسات قرآنية (40 ).. ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون)