لقد تغيّرت الظروف السياسية للمجتمع الإسلامي في عصر الإمامين الباقر الصادق (عليهما السلام) تغيراً ملحوظاً وفّرت لهما مجالاً لم يتوفّر لسائر الأئمة عليهم السلام، مما أدّى إلى إتاحة الفرصة بتشكيل مجتمع علمي قاما من خلاله بتربية وتعليم مجموعة من العلماء الملتزمين بقيم الشريعة الإسلامية، ومن هنا عندما نلقي نظرة على صفحات تاريخ صدر الإسلام نجد في حياة الإمامين العلمية عدداً كبيراً من أسماء تلامذته والشخصيات العلمية الممتازة في العالم الإسلامي، هذه الأرضية المناسبة أدّت إلى أن نشر حديث رسول الله (ص) وأكثر آراءهم الفقهية والتفسيرية والأخلاقية في كتبهم الفقهية والروائية.
نشر الحديث
لقد أولى الإمام أبو جعفر الباقر (ع) المزيد من اهتمامه للحديث الوارد عن جدّه رسول الله (ص) وعن آبائه الأئمة الطيبين، وقد روى عنه جابر بن يزيد الجعفي وأبان بن تغلب و محمد بن مسلم آلاف الاحاديث، كما روى عنه غيرهم من أعلام أصحابه طائفة كبيرة من الأخبار.
والشيء المهم أنّ الإمام الباقر (ع) قد اهتمّ بفهم الحديث والوقوف على معطياته، وقد جعل المقياس في فضل الراوي هو فهمه للحديث ومعرفة مضامينه، فمثلاً يُروى عنه قوله: (اعرف منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم، فإنّ المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان.. )
ويعتقد علماء مدرسة أهل البيت أنّ أفقه الفقهاء في صدر الإسلام ستة أشخاص وكلّهم من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)، وهم: زرارة بن أعين، ومعروف بن خربوذ المكي، وأبو بصير الأسدي، وفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي وبريد بن معاوية العجلي.
ذكر الشيخ الطوسي، في كتابه الرجال أن أصحاب وتلاميذ الإمام الباقر (ع) الذين كانوا يروون الحديث عنه بلغوا 462 رجلاً وامرأتين.
إقرأ أيضا: أئمة أهل البيت.. الامام الباقر (ع).. (4) مواجهة الانحراف الفكري
كما اتفق المسلمون من مدرستي أهل البيت والخلافة على توثيق بعض أصحاب وتلاميذ الإمام الباقر (ع)، وإن كان بعضهم لم يدخل في دائرة رجال مدرسة الخلافة الحديثية.