أئمة أهل البيت.. الامام الباقر (ع).. (4) مواجهة الانحراف الفكري

الثلاثاء 16 فبراير 2021 - 06:33 بتوقيت غرينتش
أئمة أهل البيت.. الامام الباقر (ع).. (4) مواجهة الانحراف الفكري

أهل البيت-الكوثر: تناولنا في الحلقات السابقة من حياة الامام الباقر(عليه السلام) نشأته في بيت العصمة والطهارة، والنص على إماته (ع)، ودوره في إحياء روح الثورة الحسينية وسوف نتناول في هذه الحلقة مواجهة الامام للانحراف الفكري الذي سرى في المجتمع الاسلامي.

عاصر الإمام الباقر (ع) الانحرافَ الفكريَ الذي تسبب الاُمويّون في إيجاده مثل بثّهم للعقائد الباطلة كالجبر والتفويض والإرجاء خدمةً لسلطانهم; لأن هذه المفاهيم تستطيع أن تجعل الاُمة مستسلمة للحكام الطغاة ما دامت تبررّ طغيانهم وعصيانهم لأوامر الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) .

وانتشرت في هذه الفترة ظاهرة وضع الحديث المؤلمة، فقد ركّز الاُمويون على هذه الأداة لخدمة سلطانهم، حتّى روى ابن طرفة المعروف بـ(نفطويه) في تأريخه، أن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة كانت في أيام بني اُميّة تقرّباً إليهم بما يظنّون أنهم يُرغمون اُنوف بني هاشم.

وعاش الإمام الباقر (ع) في هذه المرحلة من حياته في ظلّ سيرة أبيه السجاد (ع) بكل وجوده الذي كان يركز نشاطه على إعادة بناء المجتمع الإسلامي وتشييد دعائم العقيدة الاسلامية القويمة، حيث كان يحاول الإمام زين العابدين (ع) من خلال بثّ القيم العقائدية والأخلاقية عبر الأدعية وتوجيه رسائل الحقوق وما شابه ذلك صياغة كيان الجماعة الصالحة التي كان عليها أن تتولى عمليّة التغيير في المجتمع الذي راح يتردّى باستمرار.

كان الامام الباقر (ع) يشارك أباه السجّاد (ع) في أهدافه وخطواته وأساليبه المتعددة في المرحلة التي استغرقت ثلاثة وثلاثين عاماً والتي تمثّلت في الدعاء والانفاق والعتق والتربية المباشرة للرقيق والأحرار باعتبارها نشاطاً بارزاً للإمام زين العابدين عليه السلام خلال هذه المرحلة .

علم الكلام

إنّ عصر الإمام الباقر (ع) نظراً إلى إتاحة الفرصة بسبب ضعف السلطة الحاكمة وفّر الفرصة، وأتاح المجال لظهور عقائد وأفكار منحرفة في المجتمع، فكان على الإمام في هذه الظروف بيان عقائد الاسلام الأصيلة ومجابهة العقائد الباطلة والردّ على الشّبهات المطروحة. وعليه كانت بحوث الإمام الكلامية ناظرة لهذه الأمور، منها: (عجز العقول عن إدراك حقيقة الله)، و(أزلية واجب الوجوب)، و(وجوب طاعة الإمام). كما ترك لنا الإمام الباقر (ع) تراثاً كبيراً في مجالي الفقه والتأريخ.

مناظرات الإمام

وكانت من جملة النشاطات العلمية للإمام الباقر (ع) هي مناظراته مع اصحاب المذاهب والمنحرفين والزنادقة وفي شتى المواضيع المختلفة، وكان منها:

    مناظرته (عليه السلام) مع أسقف النصارى

    مناظرته (عليه السلام) مع الحسن البصري

    مناظرته (عليه السلام) مع قتادة بن دعامة

    مناظرته (عليه السلام) مع هشام بن عبد الملك

    مناظرته (عليه السلام) مع محمد بن المنكدر

    مناظراته (عليه السلام) مع نافع بن الأزرق

    مناظرته (عليه السلام) مع عبد الله بن معمّر الليثي

    مناظرته (عليه السلام) مع قتادة بن دعامة.

تصدي الإمام للإسرائيليات

من الفئات التي كانت موجودة آنذاك في المجتمع الإسلامي وكان لها تأثير عميق في ثقافة المجتمع هم اليهود، فقد انتشر في المجتمع الإسلامي مجموعة من أحبار اليهود الذين تظاهروا باعتناق الإسلام وقد تصدّوا للمرجعية العلمية لطبقة من بسطاء المجتمع الإسلامي.

ومن هنا برزت ضرورة الوقوف أمام اليهود وإيحاءاتهم السيئة في الثقافة الإسلامية، والكشف وتكذيب الأحاديث المجعولة من قِبلهم عن أنبياء الله وبعض ما ينقلوه مما يشوّه سمعة الأنبياء، وقد تصدّى الإمام الباقر (ع) لهم بقوة وبشكل يكشف عن تعالي الإسلام وهيمنة الفكر الإسلامي على مثل هؤلاء المنحرفين ومع تلك الفرق الضالة. وقد أشار زرارة إلى هذه القضية بقوله:

 كنت قاعداً إلى جنب أبي جعفر (ع)، وهو محتبٍ مستقبل القبلة، فقال: أما إن النظر إليها عبادة. فجاءه رجل من بجيلة، يقال له عاصم بن عمر، فقال لأبي جعفر (ع): إنّ كعب الأحبار كان يقول: إنّ الكعبة تسجد لـبيت المقدس في كل غداة.

    فقال له أبو جعفر (ع): فما تقول فيما قال كعب؟

        قال: صدق القول ما قال كعب.

    فقال له أبو جعفر (ع): كذبت، وكذب كعب الأحبار معك، وغضب ...

        ثم قال (ع): ما خلق الله عزّ وجلّ بقعة في الأرض أحبّ إليه منها...

إقرأ أيضا: أئمة أهل البيت.. الامام الباقر (ع).. (3) دوره في إحياء روح الثورة الحسينية

في الحلقة الخامسة سنتناول بأذن الله تعالى الامام الباقر (ع) والمدرسة الفقهية