وبهذه المناسبة الاليمة نرفع ازکى آيات التعازي لامام العصر الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ولقائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي وللامة الاسلامية جمعاء سائلين المولى سبحانه وتعالي ان يمن علينا بالسير على خطى أهل البيت عليهم السلام وان يَمُنَّ على الاسلام بالنصر والعزة، انه سميع مجيب .
في النصف من ذي الحجة سنة 213 للهجرة النبوية، ولد الامام علي بن محمد الهادي (عليهما السلام) المعروف بالامام الهادي النقي (ع) فهو سليل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) .
نشأ وترعرع في ظل ابيه وتحت رعايته الکريمة، فابوه الامام محمد الجواد (ع) وارث علوم أهل البيت حامل معارف الرسالة وقد نص الامام الجواد (ع) وشخَص شخصية الامام من بعده في موارد کثيرة يؤکد فيها ان (الامر من بعدي لولدي علي(.
الامام الهادي (ع) احد ائمة اهل البيت (عليهم السلام) الذين ورثوا أبا عن جد عن رسول الله (ص) الايمان والعلم والخلق والتقوى، لذا ترك رسول الله (ص) فيهم وصيته الخالدة : (إني تارك فيکم الثقلين کتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا، وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض).
وقال الرسول (ص) : ( نحن اهل بيت لايقاس بنا احد) .
ولوضوح شخصية الامام الهادي (ع) وجلاء عظمتها ، فان ذلك لم يستطع اخفاءه حتى اعداء الامام من اعوان السلطان، فقد هجموا على الامام ليلا، کما يحدثنا عن ذلك کتب التاريخ: (فهاجموا داره فلم يجدوا فيه شيئا في بيت مغلق عليه وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى وهو متوجه الى الله تعالى يتلو آيات من القران الكريم) سبط ابن الجوزي - تذکرة الخواص .
وعلى هذا الحال حمل الى المتوکل (بالشيطان) العباسي وأدخل عليه وکان المتوکل (بالشيطان) في مجلس شراب، وبيده کاس من الخمر فناول الامام الهادي (ع) فردَ الامام : (والله ماخامر لحمي ولادمي قط ، فاعفني ) فأعفاه ، فقال له : انشدني شعرا فقال الامام علي (ع) (انا قليل الرواية للشعر) فقال : لابد ، فانشده :
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم غلـب الرجال فلم تنفعهم القلـل
واستنزلوا بعد عز من مـــعاقلهم وأسكنـوا حفرا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ مـــن بعد دفنـــهم أين الأساور والتيجان والحلـل
أين الوجوه التي كـــــانت منعمة من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ســاءلهم تلك الـوجوه عليهـا الدود يـقتـتـل
قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا
فبکى المتوکل (بالشيطان) حتى بلَت لحيته دموعه وبکى الحاضرون) . سبط ابن الجوزي / تذکرة الخواص وکتاب الائمة الاثنا عشر لابن طزولون .
إن الناظر المتأمل في هذه الوثائق التاريخية يستطيع ان يعرف مقام الامام الهادي (ع) وعبادته وورعه وتعلق الناس به واحترام الجميع له ، فهو على کل حال ملازم للعبادة ، حليف للقرآن الكريم، معرض عن الدنيا، يعرف ذلك منه خاصة الناس وعامتهم ويشهد به احباؤه وخصومه.
إقرأ أيضا: قصيدة رثاء في ذكرى استشهاد الإمام علي الهادي (عليه السلام)