نشأة الزيدية
ويعود ظهور الزيديّة الى بدايات القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي بعد أن انشقت من الجسد الشيعي الأم. وتشكّل الزيدية اليوم ما يقرب الـ 45 بالمئة من سكان اليمن.
يتصور البعض أنَّ تسمية (الزيدية) بمعنی: أنّ هذه الفرقة تلقّت أُصولها وفروعها من زيد الشهيد، كما أخذت الأشاعرة أُصولها من الشيخ الأشعري، والحنفية من إمامها أبي حنيفة. ولكن هذه التسمية بهذا المفاد خاطئة، لأنّه لم تكن لزيد عقيدة خاصة في المسائل الكلامية حتى يكون أتباعه يعتقدون بها، كما أنّه لم يكن له كتاب فقهي استدلالي حتى يرجع المقلِّدون، إليه في الفروع. وأيضاً الزيدية نسبة لم يطلقها زيد على اتباعه، ولا اطلقها في البداية اتباعه على انفسهم، وانما اطلقها حكام بني امية على كل ثائر عليهم بعد زيد الشهيد من أهل بيت النبوة ... فالتسمية هذه تسمية سياسية في الاصل ولا دخل لها في ما تعارف عليه الناس في النسبة المذهبية الى ائمة المذاهب، ولكن أتباع زيد قبلوا بهذه التسمية ورضوا بها شعارا لهم.
عقائد الزيدية:
المتبنيات الفقهية:
يعدّ كتاب (مجموع الحديث ومجموع الفقه) المعروف بالمجموع الكبير أقدم المصنفات الزيدية في الفقه. ومن المسائل الفقهية التي تتبناها المدرسة الزيدية:
الأذان بحي على خير العمل، ولا يقولون الصلاة خير من النوم ولا يجعلون الكف على الكف في الصدر في الصلاة، ولا يؤمّنون بعد الفاتحة، وتثنية الأذان إلّا التهليل في آخره وكذا الإقامة. ومن مذاهبهم الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم في الصلاة في الفاتحة وفي السورة وأنّ الصلاة جماعة لا تصح بإمامة الفاسق، ومن في حكمه، وأن لا يعتدّوا بجمعة الظلمة، وأنّ التكبير على الجنازة خمس، وأنّه لا يصلّى على الميت الفاسق، والمذهب السائد عندهم في الزكاة أنّه لا يجوز تسليمها إلى الظلمة إلّا كرها.
يضاف إلى إيجابهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن هنا أوجبوا الهجرة من بلاد يتظاهر أهلها بالمعاصي الى بلاد لم يعص الله فيها، وقد ضحّى كبار أئمة الزيدية بحياتهم تطبيقا لهذا الاصل.
المتبنيات العقائدية:
تتبنى الزيدية ما ذهبت إليه المعتزلة في مسألة القبح والحسن، وكذلك ترفض الزيدية القول بالبداء والرجعة ونفي مبدأ التقية.
ومن متبنيات الفكر العقائدي للزيدية القول بصحة إمامة الفاطمي حسنيا (ع) كان أم حسينيا (ع) شريطة أن يكون عالماً زاهداً شجاعاً سخياً ويدعو لنفسه بالإمامة ويخرج بالسيف.
كما تؤمن الزيدية بجواز خروج إمامين في آن واحد ولكن في نقطتين مختلفتين من العالم الإسلامي، فإذا خرجا في نفس الوقت كذلك وجبت طاعتمها.
وتذهب الزيدية إلى القول بصحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل، وقد استمر هذا المعتقد في الوسط الزيدي إلى زمن الناصر الاطروش الذي تراجع الزيدية في زمنه عن هذا المبدأ.
ولا تشترط الزيدية العصمة في الإمام وتؤمن بـالمهدوية؛ ومن هنا وصف النفس الزكية نفسه بالمهدي في مكاتباته مع المنصور العباسي.
ومن عقائدهم القول بـالمنزلة بين المنزلتين؛ ومن هنا حكموا بفسق مرتكب الكبيرة وجعلوه في منزلة بين الإيمان والكفر.
وقسّم الزيدية الكفر إلى كفر نعمة وكفر جحود، معتقدين بكفر وارتداد من يرتكب الكبيرة مستحلا لها، دون من ارتكبها شهوة لا استحلالا، حيث حكموا بفسقه ودخوله النار إذا مات بلا توبة.
إقرأ أيضا:
الشهيد يحيى بن زيد على خطى ابيه ثائر ضد الحكم الأموي