ثورة زيد الشهيد ضد الحكم الأموي (2) دوافع الثورة

السبت 23 يناير 2021 - 05:27 بتوقيت غرينتش
ثورة زيد الشهيد ضد الحكم الأموي (2) دوافع الثورة

أهل البيت-الكوثر: كان السبب الوحيد الدافع للشهيد زيد على نهضته : تنبيه الأمة على انحراف حكام بني أمية وتعريفهم مضار تلك السطوة الغاشمة وذلك الحكم الجائر، ولولا الثورات العلوية التي حضيت بمباركة أئمة أهل البيت عليهم السلام، وجهاد علماء الأمة الاسلامية في حفظ تراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاضخى الاسلام طقوسا كما يحلو لحكام الجور ووعاظ السلاطين.

وجاء في الاخبار ان زيدا (رض) قال لجابر بن عبد الله الأنصاري: إني شهدت هشاما (هشام بن عبد الملك) ورسول الله (ص) يسب عنده، فوالله لو لم يكن إلا أنا وآخر لخرجت عليه.

 وقد تواتر حديث أهل البيت (عليهم السلام): (إنما دعا (زيد) إلى الرضا من آل محمد (ص) ولو ظفر لوفى بما دعا إليه، إنما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه).

   قال هشام لزيد في جملة تلك الأيام - وقد احتشد المجلس بأهل الشام -: ما يصنع أخوك البقرة.

  فغضب زيد حتى كاد يخرج من إهابه وقال: سماه رسول الله (ص) الباقر وأنت تسميه البقرة لشد ما اختلفتما، لتخالفه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنة وترد النار.

  فانقطع هشام عن الجواب وبان عليه العجز ولم يستطع دون أن صاح بغلمانه: أخرجوا هذا الأحمق المائق، فأخذه الغلمان بيده فأقاموه.

  وفي حديث عبد الأعلى الشامي: أن زيدا بن علي (ع) لما قدم الشام ثقل ذلك على هشام، لما كان فيه من حسن الخلق وحلاوة اللسان، فشكا ذلك إلى مولى له.

  فقال: ائذن للناس إذنا عاما وأحجب زيدا، ثم ائذن له في آخر الناس، فإذا دخل عليك وسلم فلا ترد عليه، ولا تأمره بالجلوس، فإذا رأى أهل الشام هذا سقط من أعينهم.

  ففعل بكل ما أشار عليه، أذن للناس وحجبه ثم أذن له في آخر الناس، ولما دخل عليه قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فلم يرد عليه.

  فقال: السلام عليك يا أحول، فإنك ترى نفسك أهلا لهذا الاسم.

  فقال له هشام: بلغني أنك تذكر الخلافة وتتمناها ولست هناك وأنت ابن أمة.

  فقال له زيد: إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات، وقد كانت أم إسماعيل أمة لأم إسحق، فلم يمنعه ذلك أن بعثه الله نبيا وجعله أبا للعرب وأخرج من صلبه خير الأنبياء محمدا (ص)، وأخرج من إسحق القردة والخنازير وعبدة الطاغوت، فغضب هشام وأمر بضربه ثمانين سوطا.

  فخرج زيد من المجلس وهو يقول: لن يكره قوم حر السيوف إلا ذلوا.

  فحملت كلمته إلى هشام فعرف أنه خارج عليه، فقال: ألستم تزعمون أن أهل هذا البيت قد بادوا، فلعمري ما انقرض من مثل هذا خلفهم .

  أقام الشهيد زيدا بالكوفة أياما وعند عودته الى المدينة لحقه جماعة من أهل الكوفة في القادسية واستجاروا به من جور الأمويين وظلمهم الفاحش، وطلبوا منه المصير إليهم ، وقالوا له: نحن أربعون ألفا نضرب بأسيافنا دونك، وليس من عندنا من أهل الشام إلا عدة وبعض قبائلها يكفيهم بإذن الله تعالى، وأعطوه العهود والمواثيق أن لا يخذلوه .

  فقال لهم: إني أخاف أن تفعلوا معي كفعلكم مع أبي وجدي.

  فحلفوا له بالأيمان المغلظة على أن يجاهدوا بين يديه.

  فلما عزم على موافقتهم عرفه جماعة ممن يمحضه الود والنصيحة غدر أهل الكوفة، وأنهم لا ثبات لهم في قول ولا عمل، لما أجاب أهل الكوفة ورجع إليها عظم ذلك على صحبه وأهل بيته، فبالغوا في تخويفه وعرفوه عواقب هذا الوفاق لما عليه أولئك الخونة من الشقاق والميل إلى الأطماع، وأول من حذره داود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وكان مع زيد بالثعلبية، قال له: لا يغروك هؤلاء من نفسك، أليس قد خذلوا من كان أعز عليهم منك ؟ جدك علي بن أبي طالب (ع) حتى قتل والحسن (ع) من بعده، بايعوه ثم وثبوا عليه فانتزعوه رداءه من عنقه وانتهبوا فسطاطه وجرحوه ؟ أوليس قد أخرجوا جدك الحسين (ع) وحلفوا له بأوكد الأيمان ثم خذلوه وأسلموه ثم لم يرضوا بذلك حتى قتلوه ؟ فلا ترجع معهم .

  فقال كل من حضر من أهل الكوفة: إن هذا لا يريد أن تظهر أنت، ويزعم أنه وأهل بيته أحق بهذا الأمر منكم .

  فقال زيد لداود: إن معاوية كان يقاتل عليا (ع) بذهابه، وأن الحسين (ع) قاتله يزيد والأمر عليهم مقبل .

  فقال له داود: إني لخائف إن رجعت إليهم أن لا يكون أحد أشد عليك منهم، ومضى داود إلى المدينة ورجع زيد إلى الكوفة.

إقرأ ايضا : ثورة زيد الشهيد ضد الحكم الأموي (1) التعريف بزيد

في الحلقة القادمة سوف نتناول إن شاء الله (الثورة في كناسة الكوفة)