فبالرغم من التعتیم والرقابة الشدیدة التی مورست فی زمن الخلفاء وحكم بين أمية وبين العباس بالنسبة الى تدوین فضائل ومناقب أهل البیت (عليهم السلام) والحوادث التی مرت بهم، لكن الحقیقة أخذت طریقها الى المصادر الاسلامیة؛ ونحاول في هذه العجالة الاشارة الى تلك المصادر طبقا للتسلسل التأریخي.
1- ابن أبی شیبة في (المصنف)
نقل ابو بکر بن ابي شیبة (159-235هـ) صاحب کتاب "المصنف" کتاب المغازي 8/572، بسند صحیح:
)انّه حین بویع لأبي بکر بعد رسول اللّه (ص) کان علي و الزبیر یدخلان على فاطمة بنت رسول اللّه، فیشاورونها و یرتجعون في أمرهم. فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة، فقال: یا بنت رسول اللّه (ص) واللّه ما أحد أحبَّ إلینا من أبیك، وما من أحد أحب إلینا بعد أبیك منك، وأیم اللّه ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن امرتهم أن یحرق علیهم البیت.
قال: فلما خرج عمر جاؤوها، فقالت: (تعلمون انّ عمر قد جاءَني، وقد حلف باللّه لئن عدتم لیُحرقنّ علیکم البیت، وأیم اللّه لَیمضین لما حلف علیه.
2- البلاذري في (انساب الاشراف)
نقل أحمد بن یحیى البغدادي البلاذري ( المتوفى270هـ) فی کتابه المشهور" انساب الاشراف" هذه القضیة التاریخیة بالنحو التالي: (انّ أبابكر أرسل إلى علي یرید البیعة فلم یبایع، فجاء عمر ومعه فتیلة! فتلقته فاطمة على الباب. فقالت فاطمة: یابن الخطاب، أتراك محرقاً عليّ بابي؟ قال: نعم، وذلك أقوى فیما جاء به أبوك...).
3- ابن قتيبة في (الامامة والسیاسة)
روى المؤرخ الشهیر عبد الله بن مسلم بن قتیبة الدینوري (212-276هـ) الذي یعد من رواد الأدب ومن المؤلفین الکبار في التاریخ الاسلامي وصاحب کتاب (تاویل مختلف الحدیث) و(آدب الکاتب) و.... فی کتابه (الامامة و السیاسة) ما یلي:
(انّ أبابكر تفقد قوماً تخلّفوا عن بیعته عند علي کرم اللّه وجهه فبعث إلیهم عمر فجاء فناداهم وهم فی دار علي، فأبوا أن یخرجوا فدعا بالحطب وقال: والّذي نفس عمر بیده لتخرجن أو لاحرقنها على من فیها، فقیل له: یا أبا حفص إنّ فیها فاطمة. فقال، و إن!!
ثم أضاف ابن قتیبة: ( ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا فاطمة فدقّوا الباب فلمّا سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها یا أبتاه یا رسول اللّه ماذا لقینا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة، فلما سمع القوم صوتها وبکاءها انصرفوا. وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا علیاً فمضوا به إلى أبي بکر فقالوا له: بایع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟ فقالوا: إذاً واللّه الّذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك...!).
4- ابن ابي الحدید المعتزلي في (شرح نهج البلاغة)
وقد نقل ابن ابي الحدید المعتزلي في کتابه (شرح نهج البلاغة) الكثير من الاحداث التي تلت وفاة رسول الله (ص) عن کتاب الامامة والسیاسة لابن قتیبة، ولکن لشدید الاسف نجد ید التحریف امتدت لتطال هذا الکتاب، ولتحذف منه بعض المطالب عند اعادة طباعته!.
5- الطبري في تاریخه:
ذکر محمد بن جریر الطبري (المتوفى 310هـ) في تاریخه، تصمیم القوم بالاعتداء على بیت الوحي بالنحو التالي: (أتى عمر بن الخطاب منزل علي و فیه طلحة و الزبیر و رجال من المهاجرین، فقال و اللّه لاحرقن علیکم أو لتخرجنّ إلى البیعة، فخرج علیه الزّبیر مصلتاً بالسیف فعثر فسقط السیف من یده، فوثبوا علیه فأخذوه).
هذا القسم من التاریخ یحکي عن طبعیة أخذ البیعة للخلیفة الاول وانها لم تؤخذ برضا من الناس و خاصة من الامام علي (ع).
6- ابن عبد ربه في "العقد الفرید":
عقد شهاب الدین أحمد المعروف "بـابن عبد ربه الاندلسي" مؤلف کتاب العقد الفرید المتوفي (463هـ) بحثاً مفصلاً في تاریخ السقیفة، تعرض فیه للذین تخلفوا عن بیعة أبی بکر قائلا: ( فأمّا علي و العباس و الزبیر فقعدوا في بیت فاطمة حتى بعث إلیهم أبوبکر، عمر بن الخطاب لیُخرجهم من بیت فاطمة و قال له: إن أبَوا فقاتِلهم، فاقبل بقبس من نار أن یُضرم علیهم الدار، فلقیته فاطمة فقالت: یا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟! قال: نعم، أو تدخلوا فیما دخلت فیه الأُمّة!).
الى هنا اتضح مدى تصمیم القوم على هتك حرمة بیت فاطمة (س)، وسنكمل الاشارة الى مصادر مدرسة الخلافة حول الهجوم على دار الزهراء.
إقرأ أيضا: فاطمة_الزهراء (س) في ذكرى استشهادها.. هل هجموا على دارها ؟
وبعونه تعالى نكمل في الحلقة القادمة ما نقلته مصادر مدرسة الخلافة حول الهجوم على دار الزهراء سلام الله عليها.