قنبر كان عند الناس خادما للامام علي(ع)، ولكن عند من كان يعرف قيمة أهل البيت (ع)، كان قنبرا مولاً للحق يتغذى من مناهله، حيث ربّاه الامان علي (ع) الذي قال فيه رسول الله (ص): (أنا مدينة العلم وعلي بابها)، فدخل قنبر مدينة العلم من بابها، وتربى عند أكرم الخلق عند الله بعد النبي محمد (صلى الله عليه وآله).
أصبح قنبر من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لذلك قال فيه الإمام الصادق (ع): كان قنبرا غلام علي (ع) يحب علياً حباً شديداً … .
تربية قنبر
روي أنه في ليلة من الليالي خرج الامام علي (ع) فخرج قنبر على أثره فرآه الإمام (ع) فقال له: ما لك يا قنبر ؟ فقال: جئت لأمشي خلفك، فقال الامام (ع): ويحك أمِنْ أهل السماء تحرسني أم مِنْ أهل الأرض ؟ قال: لا بل من أهل الأرض ! فقال الامام (ع): إن أهل الأرض لا يستطيعون شيئاً إلا بإذن الله .
وسمع أمير المؤمنين (ع) رجلاً يشتم قنبرا، وقد رام قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين (ع): (مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهاناً، تُرضِ الرحمن، وتُسخط الشيطان، وتعاقب عدوك).
هكذا كان الإمام (ع) يربي قنبرا الذي كان يتبعه اتباع الفصيل إثر أمه، كما هي العادة عند من أخلص الولاء لأهل البيت (ع).
تولى قنبر بيت مال المسلمين في الكوفة في خلافة أمير المؤمنين الإمام علي (ع) ووقف إلى جانبه في الملمات.
وكان قنبرا من قادة (شرطة الخميس) وشارك في حرب صفين، وقد دفع إليه الإمام (ع) لواءً يوم صفّين في قبال غلام عمرو بن العاص الذي كان قد رفع لواءً، وفي هذه المعركة أيضاً قتل قنبر "حرب" غلام معاوية.
استشهاده
لشدّة حبّه ودفاعه عن أمير المؤمنين (ع) أمر الحجاج بن يوسف الثقفي بقتله.
فقد روي أنّه سُئل: مولى مَن أنت؟ فقال: أنا مولى مَن ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ولم يكفر بالله طرفة عين... ، فلمّا سمع ذلك الحجّاج أمر بقطع رأسه.
وروي عن الإمام علي الهادي (ع): (أنّ قنبرا مولى أمير المؤمنين أُدخل على الحجاج فقال له الحجاج: ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب ؟
قال قنبر: كنت أوضّيه. فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟
قال قنبر: كان يتلو هذه الآية: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾. فقال الحجّاج: كان يتأوّلها علينا؟
فقال: نعم.
فقال الحجاج: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟
قال قنبر: إذاً أسعد وتشقى.. فأمر به فقتله، وذهب الى ربه شهيدا مخضبا بدمه، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا، شاهدا على أمة تنكرت لوصي نبيها.
ودُفن قنبرا (رض) ببغداد، وقيل بحمص، وقبره معروف يُزار.
ذرية قنبر:
ذُكر في بعض المواطن اسماء بعض ذراري قنبر،ومنهم:
أبي جبير ابن قنبر،وقد روى عن أبيه .
سالم بن قنبر
أبو الفضل العباس بن الحسن بن خشيش القنبري .
نعيم بن سالم بن قنبر مولي علي بن أبي طالب (ع).
الشاعر باسم محمد بن علي القنبري كان يسكن مدينة همدان .
إقرأ أيضا: رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (15) الأصبغ بن نباتة التميمي (رض)
وجاء في كتاب (تاريخ بيهق) ذكر مسجدين: الأول مسجد هاني في نيشابور، والآخر شادان في سبزوار، وهما منسوبان لاثنين من أبناء قنبر .