كان أبو الأسود يميل إلى المجالات الثقافية والفكرية ، ونرى ذلك واضحاً في أعماله وآثاره، سواء المجالات التي تتصل بالشريعة الإسلامية، كالفقه، والقرآن الكريم، والأحاديث الشريفة، أو غيرها كاللغة، والنحو، والأدب. فهو أول واضع لعلم النحو في اللغة العربية وشكّل أحرف المصحف، ووضع النقاط على الأحرف العربية بأمر من أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام)، ويُلقب بِلقب ملك النحو لوضعه علم النحو، فهو أول وضع باب الفاعل، المفعول به، المضاف وحروف النصب والرفع والجر والجزم.
أساتذته :
اتجه أبو الأسود في عقيدته الدينية لأهل البيت (عليهم السلام)، وربما نشأ هذا الاتجاه في نفسه منذ بداية إسلامه .
وبما أنه كان من التابعين ومن الموالين للامام علي (ع) – كما يجمع على ذلك المؤرخون – فلابد أن يكون أكثر اتصالاً وصحبة للإمام (ع) وللصحابة من شيعته ومواليه .
وقد روى أبو الأسود عن أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين (عليهم السلام) ، وروى أيضاً عن أبي ذر الغفاري وابن عباس وغيرهم .
تلاميذه :
هناك بعض الأفراد أخذوا العلم من أبي الأسود ، ودرسوا على يَدَيه ، وخاصة علم النحو والعربية، وقراءة القرآن الكريم، وقد رووا عنه أيضاً بعض الروايات الشريفة.
يقول ابن الأثير في (الكامل)، في حوادث سنة تسعين من الهجرة : وفيها توفي نصر بن عاصم الليثي النحوي، وقد أخذ النحو عن أبي الأسود الدؤَلي .
ويقول أيضاً في حوادث سنة تسع وعشرين ومِائة: وفيها مات يحيى بن يعمر العدوي بـ (خُرَاسان)، وكان قد تعلَّم النحو من أبي الأسود الدؤَلي، وكان من فُصحاء التابعين، وغيرهما من النحاة والقُرّاء الذين كان لهم دورهم الثقافي آنذاك .
وفي كتاب (الروضات): وقيل أن أبا الأسود خَلَّف خمسة من التلامذة، منهم ابناه (عطاء وأبو حرب)، وثلاثة آخرين ، وهم : عنبسة ، وميمون ، ويحيى بن النعمان العداوني .
وفي (بهجة الآمال) : وبالجملة ، لأبي الأسود تلامذة فُضَلاء ، منهم سعد بن شداد الكوفي النحوي المُضحِك ، المعروف بـ (سعد الرابية (.
سيرته :
رغم توجه أبو الأسود واهتمامه الكبير بالمجالات الثقافية نراه قد شارك في الكثير من الحوادث والأنشطة السياسية والاجتماعية لتلك الفترة الحاسمة من تاريخ الإسلام.
وقد صَحِب أمير المؤمنين الامام علي (ع) الذي ولاه إمارة البصرة في خلافته، وشهد معه وقعة صفين والجمل وحرب الخوارج.
أقوال العلماء فيه :
أبو الأسود الدؤلي، وصفه الذهبي في ترجمته له في كتابه (سير أعلام النبلاء) بقوله: (كان من وجوه شيعة علي (ع)، ومن أكملهم عقلاً ورأيًا، وكان معدودًا في الفقهاء، والشعراء، والمحدثين، والأشراف، والفرسان، والأمراء، والدهاة، والنحاة، وحاضري الجواب، والشيعة، والبخلاء، والصُلع الأشراف).
وذكره الشيخ الطوسي في عدة مواضع من رجاله مكتفياً بأنه من أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلي بن الحسين (عليهم السلام) وأنه مِمَّن رَوى عنهم.
وفي كتاب (اختيار معرفة الرجال): (أبو الأسود الدؤَلي من أصفياء أصحاب أمير المؤمنين والسبطين والسجاد (عليهم السلام) وأجِلاَّئهم.
ويقول أبو الفرج الاصفهاني في (الأغاني): (وكان أبو الأسود من وجوه التابعين ، وفقهائهم ، ومُحدِّثيهم) .
إقرأ ايضا: رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (13) أويس القرني ( رضوان الله عليه)
وفاته :
اتفقت أكثر الروايات على وفاته في البصرة في ولاية عبيد الله بن زياد (عليه لعنة الله) سنة 69 هـ في طاعون الجارف، وعمره 85 سنة.