رجال ثأروا للحسين (ع)..(3) سليمان بن صُرَّد الخزاعي قائد ثورة التوابين

الأربعاء 23 ديسمبر 2020 - 08:33 بتوقيت غرينتش
رجال ثأروا للحسين (ع)..(3) سليمان بن صُرَّد الخزاعي قائد ثورة التوابين

اسلاميات-الكوثر: عند وصول خبر هلاك معاوية بن ابي سفيان، اجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل (أبو المطرف) سليمان بن صرد الخزاعي، فذكروا هلاك معاوية، فحمدوا الله وأثنوا عليه، فقال سليمان: إن معاوية قد هلك، وإن حسيناً(ع) قد نقض على القوم ببيعته، وقد خرج إلى مكة، وأنتم شيعته وشيعة أبيه، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدوا عدوه، فاكتبوا إليه وأعلموه، فإن خفتم الفشل والوهن فلا تغروا الرجل في نفسه. فقالوا: بل نقاتل عدوه، ونقتل أنفسنا دونه. فقال: فاكتبوا إليه)

مكاتبة الإمام الحسين(ع)

بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الحسين بن علي(ع) من سليمان بن صرد، و المسيب بن نجبة، ورفاعة بن شداد البجلي، وحبيب بن مظاهر وشيعته المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة، سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد، الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم قتل خيارها، واستبقى شرارها...

التخلف عن واقعة كربلاء

سبب تخلف سليمان بن صرد عن نصرة الحسين(ع) :

أكد الكثير من المحققين، ان سليمان كان مسجونا في الكوفة، سجنه ابن زياد مع ثلة من رؤساء الشيعة لمنعهم من الالتحاق بالحسين(ع)، وذهب إلى ذلك الشيخ محمد حسين المظفر والشيخ المامقاني:(اتفقت عليه كتب السير والأخبار أن ابن زياد أطلع على مكاتبة أهل الكوفة الحسين(ع)، حبس 4500 رجل من التوابين من أصحاب أمير المؤمنين(ع) وأبطاله الذين جاهدوا معه ، منهم سليمان هذا).

زعيم حركة التوابين

جاء في كتب التاريخ: لما أراد سليمان بن صرد الخزاعي الشخوص سنة خمس وستين بعث إلى رؤوس أصحابه فأتوه، فلما أهل ربيع الآخر خرج في وجوه أصحابه وكانوا تواعدوا للخروج تلك الليلة فلما أتى النخيلة دار في الناس فلم يعحبه عددهم، فأرسل رجاله في شوارع الكوفة وهم يصيحون بنداء (يا لثارات الحسين ع) وجاءوا إلى المسجد الأعظم في وقت صلاة العشاء وهو ممتلئ بالمصلين، فأثار هذا النداء النفوس وسرت في الضمائر الحمية لدينهم ولإمامهم الشهيد، فهرعوا إلى بيوتهم لتوديع أهاليهم وخرجوا بسلاحهم ملبين نداء الثأر، وارتفع صوت شاعر التوابين (عبد الله بن عوف الأحمر الازدي) مستنفراً الناس لقتال الأمويين بقوله:

صحـوتُ وودعتُ الصـبا والغوانيا *** وقلـتُ لأصحابي أجيـبـوا المناديا

وقـولوا له إذ قـامَ يدعــو إلى الهدى *** وقبـــل الـدعا لبيــك لبيـك داعيـا

ألا وانع خيرَ النــاسِ جدَّاً ووالداً *** حـسـيـناً لأهلِ الـدينِ إن كـنـتَ ناعيا

وقوموا له إذ شــدَّ للحـربِ أزرَه *** فكل امـرىءٍ يُجـزى بمـا كان ساعيا

وقـودوا إلى الأعــداءِ كلَّ مضمَّرٍ *** لحوقٍ وقـودوا الســابحاتِ النواجيـا

وسيروا إلى الأعداءِ بالبيضِ والقنا *** وهـزُّوا حـراباً نحـوهـم والعـواليـا

وحنّـوا لخيـرِ الخـلقِ جَـدَّاً ووالـداً *** حسينٌ لأهـلِ الأرضِ لا زالَ هاديـا

ألا ابكوا حسيناً معـدنَ الجودِ والتّقى *** وكـانَ لتـضعيـفِ المثوبـةِ راجيا

ألا ابكـوا حسيـنـاً كلّمـا ذرَّ شـارقٌ *** وعنـد غـسوقِ الليـلِ فابكوا إمـاميا

ويبكي حسيناً كل حافٍ وناعلٍ *** ومن راكـبٍ في الأرضِ أو كانَ ماشيا

                              ********************

وخطب سليمان في الناس قائلا: (من خرج يريد بخروجه الله والآخرة فذلك منّا ونحن منه فرحمة الله عليه حياً وميتاً، ومن كان إنما يريد الدنيا، فو الله ما يأتي فيء نأخذه ولا غنيمة نغنمها ما خلا رضوان الله، وما معنا من ذهب ولا فضة ولا متاع إلا سيوفنا على عواتقنا، ورماحنا في أكفنا، وزادٌ قدر البلغة فمن كان ينوي غير هذا فلا يصحبنا).

شهادته

خطب سليمان بن صرد الناس في منطقة عين الوردة (شمال شرقي سوريا(، وحرضهم على الجهاد، فاقتتل الناس قتالاً عظيماً جداً، ثم ترجل سليمان بن صرد، وكسر جفن سيفه، ونادى يا عباد الله، من أراد الرواح، إلى الجنة والتوبة من ذنبه والوفاء بعهده فليأت إلي، فترجل معه ناس كثيرون، وكسروا جفون سيوفهم، وحملوا حتى صاروا في وسط القوم. وقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة حتى خاضوا في الدماء، وقتل سليمان بن صرد أمير العراقيين، رماه رجل يقال له يزيد بن الحصين بسهم فوقع، ثم وثب ثم وقع ثم وثب ثم وقع، وهو يقول: فزت ورب الكعبة، فاستشهد سنة (65 هـ / 685 م) عن (94) سنة.

إقرأ أيضا: رجال ثأروا للحسين (ع)..(2) المختار الثقفي يأخذ الثأر

لقد تركت ثورة التوابين أروع دروس التضحية والفداء التي سجلها أبطالها في مقارعة الظلم الأموي اقتداء بسيد الشهداء الإمام الحسين (ع)، وأوصلت رسالة إلى الأمويين مفادها أن الظلم لا يمكن أن يدوم مهما استفحل واستشرى، ودقت ناقوس الخطر في الشام، وأكدت للأمويين أن جريمتهم في كربلاء لا يمكن أن يغفرها أهل العراق، وهو ما تحقق على يد المختار الذي مهدت له هذه الثورة القصاص من قتلة الحسين (ع).