زينب الكبرى (ع) (3) عفافها وعبادتها وفصاحتها

الجمعة 18 ديسمبر 2020 - 15:37 بتوقيت غرينتش
زينب الكبرى (ع) (3) عفافها وعبادتها وفصاحتها

أهل البيت-الكوثر: السيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هي وريثة أمها فاطمة الزهراء (عليها السلام) في العلم والبصيرة، كما ورثت عنها أسمى مبادئ العفاف والصبر والإيثار والشجاعة والعبادة؛ وقد اتفق جميع الأئمة المعصومين على فضلها وكرامتها مثلما اتفقوا على فضل وكرامة أمها الزهراء (ع).

وردت فی بعض المصادر التي تعرضت لحياة السيدة زينب(ع) نماذج من عفافها وحجابها، فكانت إذا أرادت الخروج لزيارة قبر جدّها رسول الله(ص) خرج معها أبوها أمير المؤمنين(ع) وأخواها الحسنان، الحسن(ع) عن يمينها والحسين(ع) عن شمالها، ويبادر أمير المؤمنين (ع) إلى إخماد ضوء القناديل التي على المرقد المعظّم، فسأله الإمام الحسن(ع) عن ذلك، فقال له: (أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك الحوراء).

وأما عبادتها فهي تالية أمّها الزهراء (ع). كانت تقضي عامّة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن الكريم، فكانت زينب من عابدات نساء المسلمين ولقبت بعابدة آل محمد، فلم تترك نافلة من النوافل الیومیة إلّا أتت بها، ويقول بعض الرواة: إنها صلّت النوافل في أقسى ليلة وأمرّها وهي ليلة الحادي عشر من محرم.

 وقالت فاطمة بنت الحسين (ع): وأمّا عمتي زينب فإنها لم تزل قائمة في تلك الليلة في محرابها، تستغيث إلى ربها، فما هدأت لها عين، ولا سكنت لها رنّة.

وروي لشدة انقطاعها إلى الله تعالى وعبادتها له أن الامام الحسين (ع) لمّا ودّعها (ع) وداعه الأخير قال لها: (يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل).

أخبارها في كربلاء

شاركت أخاها الحسين(ع) في واقعة الطف، وكان لها دور بارز في أحداثها، وقد قدمت ولديها عون ومحمد ابنا عبد الله بن جعفر (الطيار) شهداء مع خالهم الامام الحسين(ع)، وكذلك زوج ابنتها (ام كلثوم)، ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر (الطيار)، كما سيقت هي وسائر الأرامل والأيتام بعد العاشر من المحرم سبايا إلى الكوفة حيث ألقت خطبتها الشهيرة هناك، ومن ثم سيقت إلى الشام، فألقت خطبة أخرى في الشام أيضاً، وكان لخطبتها دورٌ كبير في بقاء الثّورة الحسينيّة وتحقّق أهدافها وفضح السلطة الأموية. وقد لُقّبت بأم المصائب لما رأت من مصائب في حياتها.

فصاحة زينب (ع)

بلغت السيدة زينب عليها السلام الذروة في الفصاحة والبلاغة، حتى وصف البعض ممن سمعها تخطب في الكوفة مدى الأثر البالغ الذي أحدثته العقيلة في خطابها، حينما قال: «لم أر - والله - خفرة أنطق منها، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (ع). وكانت فصاحتها وبلاغتها في مجلس عبيد الله في الكوفة ومجلس يزيد في دمشق كفصاحة أبيها أمير المؤمنين (ع) وبلاغة أمّها فاطمة الزهراء(ع) في خطبتها أمام المهاجرين والانصار في مسجد أبيها رسول الله (ص).

إقرأ أيضا: زينب الكبرى (ع) (2) زواجها وأولادها

وفاتها سلام الله عليها

توفّيت السيدة زينب (ع) سنة 62 للهجرة ودفنت في الشام، ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية على بعد سبعة كيلومترات من دمشق، وقد أصبحت المنطقة تعرف كلها باسم السيدة زينب.

وقد احسن الشاعر حين يفتخر بالزهراء البتول وبنتها زينب التي سارت على دربها في عبادتها وعفافها وذودها عن الرسالة المحمدية:

يا بنتَ فاطمةَ البتولِ فأمـــــــــةٌ *** أمّتْ رحابَكِ تجـــتليكِ فتفخــــــرُ

جودي علينا من جـــــلالِك عِفّةً *** لتُصانَ أعراضٌ ويُحفَظُ جوهــــــرُ

وهبي لنا طُهْرَ العفـــافِ يَرودنا *** شرفُ المروءةِ وهو باسمكِ يخطُرُ

ودعي إلينا من صـــمودِكِ وَقْفَةً *** يومَ الطفوفِ كما يشـــاءُ المَفْخَرُ

لتُعيدَ صورتَكِ الجـليّةَ كالضُّحى *** وَضَحاً ليُغني مــــــــا يروم مُصوِّرُ

لتعيدَها فالجيلُ جدُّ مطــــــــالبٍ *** مثلاً به معنى الكـــــرامةِ يُحْصَرُ