عقائد مدرسة آل البيت (ع).. (3) عقيدتنا في التعاون مع الظالمين

الأحد 13 ديسمبر 2020 - 08:53 بتوقيت غرينتش
عقائد مدرسة آل البيت (ع).. (3) عقيدتنا في التعاون مع الظالمين

اسلاميات-الكوثر: من عظم خطر الظلم وسوء مغبته أن نهى الله تعالى عن معاونة الظالمين والركون إليهم، فقال في محكم تابه العزيز: "وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ".

هذا هو أدب القرآن الكريم وهو أدب آل البيت عليهم السلام. وقد ورد عنهم ما يبلغ الغاية من التنفير عن الركون إلى الظالمين، والاتصال بهم ومشاركتهم في أي عمل كان ومعاونتهم، ولو بشق تمرة.

ولا شك أن أعظم ما مني به الإسلام والمسلمون هو التساهل مع أهل الجور، والتغاضي عن مساوئهم، والتعامل معهم، فضلا عن ممالاتهم ومناصرتهم وإعانتهم على ظلمهم، وما جر الويلات على الجامعة الإسلامية إلا ذلك الانحراف عن جدد الصواب والحق، حتى ضعف الدين بمرور الأيام، فتلاشت قوته، ووصل إلى ما عليه اليوم، فعاد غريبا، وأصبح المسلمون أو ما يسمون أنفسم بالمسلمين، وما لهم من دون الله أولياء ثم لا ينصرون حتى على أضعف أعدائهم وأرذل المجترئين عليم، كاليهود الأذلاء، فضلا عن الصليبيين .

لقد جاهد الأئمة عليهم السلام في أبعاد من يتصل بهم عن التعاون مع الظالمين، وشددوا على أوليائهم في مسايرة أهل الظلم والجور وممالاتهم ولا يحصى ما ورد عنهم في هذا الباب.

ومن ذلك ما كتبه الإمام زين العابدين عليه السلام إلى (محمد بن مسلم الزهري) بعد أن حذره عن إعانة الظلمة على ظلمهم: ((أوليس بدعائهم إياك حين دعوك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم، وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم، وسلما إلى ضلالتهم، داعيا إلى غيهم، سالكا سبيلهم. يدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم. فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك. فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسئول...)).

ما أعظم كلمة "وحاسبها حساب رجل مسؤول"، فإن الانسان حينما يغلبه هواه يستهين في أغوار مكنون سره بكرامة نفسه، ويتخيل أنه ليس بذلك الذي يحسب له الحساب على ما يرتكبه ويقترفه.

وأبلغ من ذلك في تصوير حرمة معاونة الظالمين حديث (صفوان الجمال) مع الإمام موسى الكاظم عليه السلام، وقد كان من شيعته ورواة حديثه الموثقين، قال صفوان: "دخلت عليه (الامام الكاظم (ع). فقال لي: يا صفوان كل شيء منك حسن جميل، خلا شيئا واحدا قلت: جعلت فداك! أي شيء؟ قال: أكراك جمالك من هذا الرجل -يعني هارون-. قلت: والله ما أكريته أشرا ولا بطرا، ولا للصيد، ولا للهو، ولكن أكريته لهذا الطريق -يعني طريق مكة- ولا أتولاه بنفسي ولكن أبعث معه غلماني. قال: يا صفوان أيقع كراك عليهم؟  قلت: نعم جعلت فداك. قال: أتحب بقاهم حتى يخرج كراك؟ قلت: نعم. قال: فمن أحب بقاهم فهو منهم، ومن كان منهم فهو كان ورد النار. قال صفوان: فذهبت وبعت جمالي عن آخرها.

إقرأ أيضا: عقائد مدرسة آل البيت (ع).. (2) أنواع الظلم

فإذا كان نفس حب حياة الظالمين وبقائهم بهذه المنزلة، فكيف بمن يستعينون به على الظلم أو يؤيدهم في الجور، وكيف حال من يدخل في زمرتهم أو يعمل بأعمالهم أو يواكب قافلتهم أو يأتمر بأمرهم.