ولادته ونشأته :
المقداد بن الأسود الكندي.. هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة ، بن مالك بن ربيعة البهرائي ، هذا هو اسمه الحقيقي، ونسب الى الأسود لانه تبنّاه في الجاهلية فنُسب إليه، ولد المقداد عام 24 قبل البعثة في حضرموت . نشأ في ظل أبيه ورعايته، ضمن مجتمع ألِفَ مقارعة السيف، ومطاعنة الرمح ، فكانت الشجاعة إحدى سجاياه التي اتّصف بها فيما بعد .
سيرته :
حين كبر المقداد وقع بينه وبين (أبي شمر بن حجر الكندي) ـ أحد زعماء كندة ـ خلافٌ، فما كان من المقداد إلا أن تناوله بسيفه، فضرب رجله وهرب إلى مكة . وحالف الأسود بن عبد يغوث الزهري فتبنّاه ، ومنذ ذلك اليوم صار اسمه ( المقداد بن الأسود ) نسبة لحليفة ، و ( الكندي ) نسبةً لحلفاء أبيه ، وقد غلب عليه هذا الاسم، واشتهر به، حتى إذا نزلت الآية الكريمة (إدْعوهم لآبائهم) ، قيل له : المقداد بن عمرو .
فضله وإيمانه :
ذكر ابن مسعود: أن أوّل من أظهر إسلامه سبعة، وعدَّ المقداد واحداً منهم، وكان من الفضلاء النجباء ، إلا إنه كان يكتم إسلامه عن سيّده الأسود بن عبد يغوث خوفاً منه على دمه، شأنه في ذلك شأن بقيّة المستضعفين من المسلمين الذين كانوا تحت قبضة قريش، وقد هاجر إلى أرض الحبشة.
جهاده:
وهو أول فارس في الإسلام، وكان من اسرع أصحاب النبي(ص) الإجابة إذا دُعي إلى الجهاد، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله(ص) .
ولما أتى أراد رسول اللَّه (ص) التوجه إلى بدر فاستشار الناس، فقال أبو بكر ثم قال عمر، ثم قام المقداد فقال: يا رسول اللَّه (ص) امض لما أمرت به فنحن معك. واللَّه لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن نقول: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق نبيًا لو سرت بنا إلى بَرْكِ الغِماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول اللَّه(ص) خيرًا ودعا له).
موفقه من أصحاب الشورىالامام علي :
كان الناس على فريقين بخصوص أصحاب الشورى الستة الذي عيّنه عمر، ففريق يريدها لعلي بن أبي طالب(ع) وهو الفريق المتمثل ببني هاشم وشيعة علي(ع) أمثال عمار بن ياسر، والمقداد بن عمرو ، وفريق يريدها لعثمان بن عفان، وهو المتمثل بابن سرح، وابن المغيرة وبقيّة بني أميّة وأتباعهم . وتعالت الأصوات كلٌ ينادي باسم صاحبه، فأقبل المقداد على الناس وقال: أيها الناس اسمعوا ما أقول : أنا المقداد بن عمرو، إنّكم إن بايعتم علياً سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عثماناً سمعنا وعصينا ! فقام عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وقال: أيها الناس، إنكم إن بايعتم عثماناً سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم علياً سمعنا وعصينا ! فانتفض المقداد ورد عليه قائلاً : ( يا عدو الله، وعدوّ رسوله، وعدوّ كتابه، متى كان مثلك يسمع له الصالحون) . ولما بويع لعثمان بالخلافة، عبّر أمير المؤمنين(ع) عن عدم رضاه لهذه النتيجة، لكنّه سلّم بالأمر الواقع ، قائلاً: ( لأسلمن ما سلمت أُمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا عليَّ خاصة). وقال المقداد: تالله ما رأيت مثل ما أُوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، واعجباً لقريش ! لقد تركت رجلاً ما أقول ولا أعلم أن أحداً أقضى بالعدل ، ولا أعلم ، ولا أتقى منه ، أما والله لو أجد أعواناً... الخ . فالتفت الإمام علي(ع) نحو المقداد ، وقال مسلّياً ومهدّئاً: إني لأعلم ما في أنفسهم، إن الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر في صلاح شأنها فتقول: إن ولي الأمر بنو هاشم لم يخرج منهم أبداً، وما كان في غيرهم فهو متداول في بطون قريش .
إقرأ أيضا: رجال حول أمير المؤمنين (ع).. (7) أُبي بن كعب الانصاري (رضوان الله عليه)
وفاته :
وكانت وفاته في سنة 33 للهجرة ، بعد أن شهد فتح مصر ، وقد بلغ من العمر سبعين عاماً ودفن في مقبرة البقيع، رضوان الله عليه .