المراد بالمفتون هنا من فعل ما لا ينبغي فعله، المعنى اذا رأيت شذوذا من إنسان فلا تبادر الى لومه وعتابه قبل أن تعرف السبب الموجب، فابحث وانظر، فإن كان السبب مشروعا كمن أكل من الميتة وسرق رغيفا لسد الجوعة فهو معذور إذا انحصر سبب الحياة بذلك، أو كان جاهلا بلا تقصير، وإن كان لمجرد الهوى واللامبالاة بالدين والقيم فهو مأزور، عليك أن ترشده بالحسنى.
هذه الكلمة (ما كل مفتون يعاتب) قالها الامام علي (عليه السلام) لسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وعبد الله بن عمر لما امتنعوا من الخروج معه لحرب أصحاب الجمل، ونظيرها أو قريب منها قول أبو فراس الحمداني:
فما كل فعال يجازى بفعله * ولا كل قوال لدى يجاب
ورب كلام مر فوق مسامعي * كما طن في لفح الهجير ذباب