قبسات من حكم الإمام علي (ع)..(14).. النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر

الإثنين 30 نوفمبر 2020 - 05:44 بتوقيت غرينتش
قبسات من حكم الإمام علي (ع)..(14).. النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر

نهج البلاغة-الكوثر: قال سيد الاوصياء الامام علي عليه السلام في نهج البلاغة: (إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر).

نواصل بحثنا حول حكمة أمير المؤمنين (سلام الله عليه) (إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر) بالاستشهاد بآيات الله تعالى في كتابه المجيد وأحاديث الرسول الاكرم وآله المعصومين في موارد ذكر نِعَمْ الله تعالى.

مَنْ أنْعَمَ الله عليهم

قال الله تعالى في فاتحة كتابه العزيز: (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) [الفاتحة:6-7].

وقال تعالى: (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل ممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا) [مريم:58].

وقال عز و جل: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) (النساء:69).

نِعْمتان مكفورتان: الأمنُ والعافيةُ

 قال النبي الكريم محمد (ص): نعمتان مكفورتان: الأمن والعافية.

وعنه (صلى الله عليه وآله): الصحة والفراغ نعمتان مكفورتان.

وعنه (ص): خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما: الصحة والفراغ.

وعن الإمام علي (عليه السلام): إنما يعرف قدر النعم بمقاساة ضدها.

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): كم من منعم عليه وهو لا يعلم.

الحث على ذكر نعم الله

قال الله تعالى: (يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم ، هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض ، لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) [فاطر:3].

وقال عَزَّ ذِكْرُهُ: (واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة) [البقرة:231].

وقال تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) [آل عمران:103[

وجاء عن رسول الله (ص) - في قوله تعالى: (وذكّرهم بأيام الله): بنعم الله وآلائه.

وفي خطبة للإمام علي (ع): فبعث فيهم رُسُلَهُ، وواتَرَ إليهم أنبياءَهُ، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكروهم منسي نعمته.

وفي رواية عن الإمام الصادق (ع) - لأبي بصير، إذ دخل عليه وقد أخذه النفس: يا أبا محمد ! ما هذه النفس العالي ؟ قال: جعلت فداك يابن رسول الله كبرت سني، ودق عظمي، واقترب أجلي، ولست أدري ما أرِدْ عليه من أمر آخرتي.

فقال أبو عبد الله (ع): يا أبا محمد، وإنك لتقول هذا ؟ فقال: جعلت فداك وكيف لا أقول هذا ؟ فذكر الامام (ع) كلاما، ثم قال: يا أبا محمد لقد ذكر الله في كتابه المبين: (اولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين...) فرسول الله (ص) في الآية النبيين، ونحن في هذا الموضع الصديقين والشهداء، وأنتم الصالحون، فَتَسَمّوا بالصلاح كما سَمّاكم الله يا أبا محمد.

احسانُ مجاورة النِّعم  

 قال رسول الله (ص): أحسنوا مجاورة النعم، لا تملوها ولا تنفروها، فإنها قلما نفرت من قوم فعادت إليهم .

وقال الإمام علي (عليه السلام): احذروا نفار النعم، فما كل شارد بمردود.

وعنه (ع): أحسنوا صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها .

وعن الإمام جعفر الصادق (ع): أحسنوا جوار النعم، واحذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم، أما إنها لم تنتقل عن أحد قط فكادت أن ترجع إليه .

وعن الإمام علي الرضا (ع): أحسنوا جوار النعم، فإنها وحشية ما نأتْ عن قوم فعادت إليهم .

الإمام علي الهادي (ع): ألقوا النعم بحسن مجاورتها، والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها، واعلموا أن النفس أقبل شئ لما اعطيت، وأمنع شئ لما منعت.

ما يوجب بقاء النعم

قال الله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) (الأعراف:96)

وقال عز من قائل: (ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون) (المائدة:66)

وقال عز و جل: (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم)(الانفال:53).

وقال رسول الله (ص): إن لله عبادا اختصهم بالنعم، يقرها فيهم ما بذلوها للناس، فإذا منعوها حولها منهم إلى غيرهم.

وقال أمير المؤمنين (ع): من بسط يده بالإنعام حصن نعمته من الإنصرام.

وعن الامام علي (ع): (مَنْ كَثُرَتْ نِعَمُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَثُرَتْ حَوَائِجُ اَلنَّاسِ إِلَيْهِ فَمَنْ قَامَ بِمَا يَجِبُ لِلَّهِ فِيهَا عَرَّضَهَا لِلدَّوَامِ وَ اَلْبَقَاءِ وَ مَنْ لَمْ يَقُمْ فِيهَا بِمَا يَجِبُ عَرَّضَهَا لِلزَّوَالِ وَ اَلْفَنَاءِ) .

وقال الإمام الصادق (ع): من عظمت نعمة الله عليه اشتدت مؤونة الناس عليه، فاستديموا النعمة باحتمال المؤونة ولا تعرضوها للزوال، فقل من زالت عنه النعمة فكادت أن تعود إليه .

إقرأ ايضا: قبسات من حكم الإمام علي (ع)..(13) إذا وصلت إليكم أطراف النعم

وخير ما نختم بحثنا بالدعاء الوارد عن الامام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام):- ((اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَ ادْرَأْ عَنِّي بِلُطْفِكَ، وَاغْذُنِي بِنِعْمَتِكَ، وَأَصْلِحْنِي بِكَرَمِكَ، وَدَاوِنِي بِصُنْعِكَ، وَأَظِلَّنِي فِي ذَرَاكَ، وَجَلِّلْنِي رِضَاكَ، وَوَفِّقْنِي إِذَا اشْتَكَلَتْ عَلَيَّ الأُمُورُ لأَهْدَاهَا، وَإِذَا تَشَابَهَتِ الأَعْمَالُ لأَزْكَاهَا، وَإِذَا تَنَاقَضَتِ الْمِلَلُ لأَرْضَاهَا)) اللهم آمیین.