من الغلاة أيضاً فرقة (الإباحية) كانوا يدعون أن الله عز وجل حالٌ في أجسام الأئمة، وأنه أول ما حلًّ في محمد بن الحنفية، وفسرت العبادات بأنها رموز، وأنه يكفي من الدين الولاء للأئمة، وقد كتب الإمام الصادق (ع) إلى المفضل بن عمر يحذره من هؤلاء الغلاة، فقد قال في رسالته: ((جاءني كتابك... وذكرت أن قوماً يزعمون: أن الدين إنما هو معرفة الرجال، ثم بعد ذلك إذا عرفتهم، فاعمل ما شئت؛ ويزعمون: أن الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج رجل، وكل فريضة افترضها الله على عباده هو رجل، من عرفه فقد اكتفى عن العمل؛ ويزعمون: أن الفواحش التي نهى الله عنها هو رجل... وزعموا: أنه إنما حرم الله نكاح نساء النبي، وما سوى ذلك مباح كله، أخبرك: أن من كان يدين بهذه الصفة التي كتبت تسألني عنها، فهو عندي مشرك بالله تبارك تعالى، بيّن الشرك لا شكّ فيه... وأما ما ذكرتَ في آخر كتابكَ، أنهم يزعمون: أن الله رب العالمين هو النبي، وأنكَ شبهت قولهم بقول الذين قالوا في علي ما قالوا... أخبرك: أن الله تعالى خلق الخلق لا شريك له، وأحب أن يعرفوه بأنبيائه. والنبي هو الدليل على الله، عبد مربوب، مخلوق)) .
وقال سدير للإمام الصادق : (إن قوما يزعمون: أنكم آلهة يتلون علينا بذلك قرآناً: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ (المؤمنون: ٥١)
ثم قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴾ (الزخرف: 84)
قال (عليه السلام) : يا سدير: ((سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء، وبرىء الله منهم ورسوله، ما هؤلاء على ديني ودين آبائي، والله ما يجمعني وإياهم يوم القيامة إلا وهو عليهم ساخط))، قال: قلت: فما أنتم جعلت فداك؟ قال : ((خزان علم الله، وتراجمة وحي الله، ونحن قوم معصومون، أمر الله بطاعتنا، ونهى عن معصيتنا، نحن الحجة البالغة على من دون السماء، وفوق الأرض)) .
إقرأ أيضا: الامام جعفر الصادق (ع)... (10) تصديه لتيار الغلاة
وهكذا كان الإمام الصادق يتبرأ من الغلاة، وينكر عليهم معتقداتهم، ويحذر الأمة من خطرهم على الإسلام .
(يا اَبا عَبْدِ اللهِ يا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّد، اَيُّهَا الصّادِقُ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ يا حُجَّةَ اللهِ عَلى خَلْقِهِ يا سَيِّدَنا وَمَوْلانا اِنّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ اِلَى اللهِ وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَيْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَ اللهِ اِشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللهِ) اللهم آمین.