قبسات من حياة الامام الصادق (ع).. (8) إبطاله لقياس أبي حنيفة وبِدَع ابن أبي ليلى

الثلاثاء 17 نوفمبر 2020 - 05:24 بتوقيت غرينتش
قبسات من حياة الامام الصادق (ع).. (8) إبطاله لقياس أبي حنيفة وبِدَع ابن أبي ليلى

اسلاميات-الكوثر: تناولنا عدة حلقات في (قبسات من حياة الامام جعفر الصادق (عليه السلام)، كما تناولنا في القسم الاول من الحلقة الثامنة النهضة العلميّة التي قادها الامام (ع) في احتجاجاته ومناظراته وإبطاله لشُبَه الزنادقة، وسوف نتناول في القسم الثاني من الحلقة الثامنة إبطاله لقياس ورأي أبي حنيفة النعمان وبِدَع ابن أبي ليلى .

إبطاله (ع) لقياس أبي حنيفة النعمان

كان أبوحنيفة النعمان يذهب إالى القياس، وأنه من مصادر التشريع في الإسلام، وكان الإمام الصادق (ع) ينكر ذلك أشد الإنكار، ويؤكد أنَّ مصادر التشريع الإسلامي هي الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، وليس القياس منها، وعليه فقد رد الإمام (ع) على قياس أبي حنيفة في أكثر من مناسبة، ومنها:

التقى أبو حنيفة بـالإمام الصادق (ع)، وسأله الإمام عن بعض المسائل، فلم يجبه عنها، ومن بين ما سأله الإمام: أيهما أعظم عند الله: القتل أو الزنا؟

قال: بل القتل.

قال: فكيف رضى في القتل بشاهدين، ولم يرض في الزنا إلا بأربعة ؟

ووجم أبو حنيفة، ولم يطق جوابا، وانهار قياسه أمام سليل النبوة، ثم وجّه الإمام (ع) ثم سأله الامام (ع): الصلاة أفضل أم الصيام؟

قال أبو حنيفة: بل الصلاة أفضل.

فقال (ع): فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام، وقد أوجب الله تعالى عليها قضاء الصوم دون الصلاة.

ثم سأله الامام الصادق (ع): البول أقذر أم المني؟

قال أبو حنيفة: البول أقذر.

فقال الامام (ع): يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني، وقد وجب الله تعالى الغسل من المني دون البول.

قال أبو حنيفة: إنما أنا صاحب رأي.

ثم سأله الامام (ع): فما ترى في رجل كان له عبد فتزوج وزوج عبده في ليلة واحدة، فدخلا بامرأتيهما في ليلة واحدة، ثم سافرا، وجعلا امرأتيهما في بيت واحد، وولدتا غلامين، فسقط البيت عليهم، فقتل المرأتين وبقي الغلامان أيهما في رأيك المالك وأيهما المملوك وأيهما الوارث وأيهما الموروث؟

وبعد ان عجز أبو حنيفة عن الأجابة على اسئلة الإمام الصادق(ع) قال للإمام: لا أتكلّم بالرأي والقياس في دين الله بعد هذا المجلس.

إبطاله (عليه السلام) لبِدَع ابن أبي ليلى

كان ابن أبي ليلى قاضيا من قبل الحكومة الأمويّة والعباسية، وكان يفتي بالرأي قبل أبي حنيفة، وقد تشرّف بمقابلة الإمام الصادق (ع) وقد كان معه سعيد بن أبي الخضيب، فقال الامام (ع) له: مَن هذا الذي معك؟ فقال: ابن أبي ليلى قاضي المسلمين.

ووجّه الإمام (ع) له السؤال التالي: أتأخذ مال هذا فتُعطيه هذا، وتُفرّق بين المرء وزوجه، ولا تخاف في هذا أحدا؟ قال: نعم.

فقال الإمام (ع): بأي شئ تقضي؟ فقال: بما بلغني عن رسول الله (ص) وعن أبي بكر وعمر.

فقال الإمام (ع): بلغك أن رسول الله (ص) قال: «أقضاكم عليٌّ بعدي؟». قال: نعم.

فقال الإمام الصادق (ع): كيف تقضي بغير قضاء عليٌّ ، وقد بلغك هذا؟

واصفرّ وجه ابن أبي ليلى، وعرف أنه قد جانب الحق فيما حكم وأفتى به، والتفت الإمام (ع) له قائلا: «التمس مثلا لنفسك، فوالله لا اُكلّمك من رأسي كلمة أبداً».

(( يا اَبا عَبْدِ اللهِ يا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّد، اَيُّهَا الصّادِقُ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ يا حُجَّةَ اللهِ عَلى خَلْقِهِ يا سَيِّدَنا وَمَوْلانا اِنّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ اِلَى اللهِ وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَيْ حاجاتِنا، يا وَجيهاً عِنْدَ اللهِ اِشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللهِ )).

في الحلقة التاسعة من (قبسات من حياة الامام جعفر الصادق) نتناول إن شاء الله النهضة العلميّة التي قادها الامام (3) المتمثلة في احتجاجاته ومناظراته.