كرمه وجوده:
1- دخل عليه المفضّل بن رمانة، وكان من ثقاة أصحابه ورواته، فشكا إليه ضعف حاله، وسأله الدعاء.
فقال [عليه السلام] لجاريته: «هاتِ الكيس الذي وصلنا به أبو جعفر».
فجاءته به، فقال له: «هذا كيس فيه أربعمائة دينار، فاستعن به».
فقال المفضّل: لا والله جُعلت فداك، ما أردت هذا، ولكن أردت الدعاء، فقال [عليه السلام] : «لا أدعُ الدعاء لك».
2- إنَّ فَقِيراً سَأَلَ الصَّادِقَ [عليه السلام] فَقَالَ لِعَبْدِهِ: «مَاعِنْدَكَ قَالَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، قَالَ: أَعْطِهِ إِيَّاهَا فَأَعْطَاهُ، فَأَخَذَهَا وَوَلَّى شَاكِراً، فَقَالَ [عليه السلام] لِعَبْدِهِ: أَرْجِعْهُ.
فَقَالَ: يَا سَيِّدِي سَأَلْتُ، فَأَعْطَيْتَ فَمَاذَا بَعْدَ الْعَطَاءِ؟ فَقَالَ [عليه السلام] لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ [صلى الله عليه وآله] خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا أَبْقَتْ غِنًى، وَإِنَّا لَمْ نُغْنِكَ، فَخُذْ هَذَا الْخَاتَمَ، فَقَدْ أَعْطَيْتُ فِيهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَإِذَا احْتَجْتَ، فَبِعْهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ».
صدقاته في السرّ:
كان الإمام الصادق [عليه السلام] يقوم في غلس الليل فيأخذ جرابا فيه الخبز، واللحم، والدراهم، فيحمله على عاتقه، ويذهب به إلى أهل الحاجة من فقراء المدينة، فيقسّمه فيهم وهم لا يعرفونه، وما عرفوه حتى مضى إلى الله ، فافتقدوا تلك الصِلات، فعلموا أنها منه.
إكرامه للضيف:
لقد كان الإمام الصادق [عليه السلام] يُشرف على خدمة الضيوف بنفسه، وكان يأتيهم بأشهى الطعام وألذه وأوفره، ويُكرر عليهم القول وقت الأكل: «أشدكم حبا لنا أكثركم أكلا عندنا» وكان يأمر في كل يوم بوضع عشر ثبنات من الطعام يتغدّى على كل ثبنة عشرة.
تواضعه:
كان من تواضعه [عليه السلام] أنه يجلس على الحصير، ويرفض الجلوس على الفرش الفاخرة، وكان يُنكر ويشجب المتكبرين، وقد قال ذات مرّة لرجل من إحدى القبائل: من سيد هذه القبيلة؟ فبادر الرجل قائلا: أنا. فأنكر الإمام [عليه السلام] ذلك وقال له: لو كنت سيدهم ما قلت: أنا.
سمو أخلاقه:
روى المؤرخون انَّ رجلا من الحُجّاج توهّم أن هميانه قد ضاع منه، فخرج يُفتّش عنه، فرأى الإمام الصادق [عليه السلام] يصلّي في الجامع النبوي فتعلّق به، ولم يعرفه، وقال: «أنت أخذت همياني؟».فقال له الإمام [عليه السلام] بعطف ورفق: ما كان فيه؟ فقال الرجل: ألف دينار. فأعطاه الإمام [عليه السلام] ألف دينار، ومضى الرجل إلى مكانه، فوجد هميانه، فعاد إلى الإمام معتذرا منه، ومعه المال، فأبى الإمام [عليه السلام] قبوله، وقال له: شئ خرج من يدي فلا يعود اليَّ، فبُهر الرجل وسأل عنه، فقيل له: هذا جعفر الصادق، وراح الرجل يقول بإعجاب: «لا جرم هذا فعال أمثاله».
صبره على المصيبة:
من صور صبره [عليه السلام] أنه لما توفي ولده إسماعيل، وكان ملء العين في أدبه وعمله وفضله، دعا [عليه السلام] جمعا من أصحابه فقدّم لهم مائدة جعل فيها أفخر الأطعمة، وأطيب الألوان، ولمّا فرغوا من تناول الطعام سأله بعض أصحابه، فقال له: يا سيدي لا أرى عليك أثرا الحزن على ولدك؟ فأجابه [عليه السلام] : «وما لي لا أكون كما ترون وقد جاء في خبر أصدق الصادقين – يعني جدّه رسول الله [صلى الله عليه وآله] – إلى أصحابه: إني ميّت وإياكم».
في الحلقة الثالثة من (قبسات من حياة الامام جعفر الصادق) نتناول إن شاء الله تعالى ولادته واستشهاده عليه السلام .