دار حديث بين الطاغية اللعين عبيد الله بن زياد بن ابيه وبين الامام السجاد عليه السلام، وقد تكلم (ابن زياد) بكلمات التشفي فأجابه الإمام (ع) بكلمات، أمر (اللعين) على إثرها بقتله، فأجابه الإمام (ع): (أبالقتل تهددني يا ابن زياد، أما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة)، وتدخلت عمته السيدة زينب (ع) ومنعت ابن زياد عن ذلك، ومن ثم أمر ابن زياد أن يغلّوا الإمام (ع) بغُلّ الحديد إلى عنقه، وأرسله مع النساء والصبيان والرؤوس إلى الشام.
حواره (ع) مع ابن زياد
ذكر أصحاب المقاتل أنه لما أدخل عيال الإمام الحسين عليه السلام على (الطاغية) عبيد الله بن زياد وأخذ يشمت بهم حدث حوار بينه وبين الإمام السجادعليه السلام فقد التفت ابن زياد إلى علي بن الحسين، فقال: من هذا؟
فقيل: علي بن الحسين.
فقال: أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟!
فقال له علي: (قد كان لي أخ يُسمى علي بن الحسين قتله الناس).
فقال: بل الله قتله.
فقال له علي: (الله يتوفى الأنفس حين موتها).
فقال ابن زياد: وبك جرأة على جوابي، إذهبوا به فاضربوا عنقه.
فسمعت به عمته زينب (ع)، فقالت: يا ابن زياد، إنك لم تبقِ منا أحداً، فان كنت عزمت على قتله فاقتلني معه.
فقال علي (ع) لعمته: (اسكتي يا عمة حتى أكلمه)، ثم أقبل إليه فقال: (أبالقتل تهددني يا ابن زياد، أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة).
خطبته في الكوفة
ذكرى المؤرخون ان الإمام علي سجاد (ع) خطب بعد واقعة الطف عندما أخذوه أسيرا مع أسرى أهل البيت إلی الكوفة، وذلك بعد خطبة السيدة زينب، وفاطمة الصغرى، وأم كلثوم (عليهم السلام) الى عامة الناس الذين تجمعوا حول سبايا بيت النبوة .
تقدم الامام زَیْن العابِدین (ع) إلی النّاسِ وأومَی إلَیْهِم أنْ اُسْکُتوا فَسَکتوا وهو قائِمٌ فَحمد اللهَ وأثْنی عَلیه و صَلّی عَلی نَبِیّه.ثُمّ قال: النّاسُ مَنْ عَرَفَني فَقَدْ عَرَفَني و مَنْ لَمْ یَعْرِفْني فَأنا عليُّ بْنُ الحُسَیْنِ المَذْبُوحِ بِشَطِّ الْفُراتِ مِنْ غَیْرِ ذَحْل وَلا تِرات، اَنَا ابْنُ مَنِ انْتُهِكَ حَرِیمُهُ وَسُلِبَ نَعِیمُهُ وَانْتُهِبَ مالُهُ وَسُبِیَ عِیالُهُ، اَنَا ابْنُ مَنْ قُتِلَ صَبْراً، فَکَفى بِذلِكَ فَخْراً.
اَیُّهَا النّاسُ! ناشَدْتُکُمْ بِاللهِ هَلْ تَعْلَمُونَ اَنَّکُمْ کَتَبْتُمْ اِلى اَبِي وَخَدَعْتُمُوهُ، وَاَعْطَیْتُمُوهُ مِنْ اَنْفُسِکُمُ الْعَهْدَ وَالْمِیثاقَ وَالْبَیْعَة ثُمَّ قاتَلْتُمُوهُ وَخَذَلُتمُوهُ؟ فَتَبّاً لَکُمْ ما قَدَّمْتُمْ لاَنْفُسِکُمْ وَسَوْاهً لِرَاْیِکُمْ، بِاَیَّةِ عَیْنِ تَنْظُرُونَ اِلى رَسُولِ اللهِ(ص) یَقُولُ لَکُمْ: قَتَلْتُمْ عِتْرَتِي وَانْتَهَکْتُمْ حُرْمَتِي فَلَسْتُمْ مِنْ اُمَّتِي؟
قالَ: فَارْتَفَعَتْ أصْواتُ النّاس بِالْبُکاءِ ویَدْعُو بَعضهم بعضاً هَلکْتُم وماتَعْلمُون. فَقال عَلیيّ بْن الحُسَین: رَحم اللهُ اِمرأً قَبْلَ نَصیحَتي وحَفِظَ وَصیّتي فِي اللهِ وفي رَسُولِه وفي أهلِ بیتِه، فإنّ لَنا «فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَة حَسَنَة».
فَقالُوا بِأجْمَعهم نَحْنُ کُلُّنا یَا ابْنَ رَسُول الله سامِعُون مُطِیعُون حافِظُون لِذِمامِك، غَیْر زاهِدین فیكَ ولا راغِبینَ عَنْكَ فَمُرْنا بأمْرِكَ، رَحمكَ الله فإنّا حَرْبٌ لِحَرْبِكَ وسِلْمٌ لِسِلْمِكَ لِنَأخَذَنَّ ترتك وترتنا مِمَّنْ ظَلَمَكَ وظَلَمَنا.
فقال علي بن الحسین ع: هَیْهات! اَیُّهَا الْغَدَرَةُ الْمَکَرَةُ! حِیلَ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَ شَهَواتِ اَنْفُسِکُمْ، اَتُرِیدُونَ اَنْ تَاْتُوا اِليَّ کَما اَتَیْتُمْ اِلى آبایِی مِنْ قَبْلُ، کَلاّ وَ رَبِّ الرّاقِصاتِ اِلى مِنى، فَاِنَّ الْجُرْحَ لَمّا یَنْدَمِلْ، قُتِلَ اَبِی بِالاَمْسِ وَاَهْلُ بَیْتِهِ مَعَهُ، فَلَمْ یُنْسِني ثُکْلَ رَسُولِ اللهِ(ص) وَثُکْلَ اَبِي وَ بَني اَبي وَجَدِّي، شَقَّ لَهازِمي وَمَرارَتُهُ بَیْنَ حَناجِرِي وَحَلْقي، وَ غُصَصُهُ تَجْرِي فِي فِراشِ صَدْرِي، وَمَسْاَلَتِي اَنْ لا تَکُونُوا لَنا وَلاعَلَیْنا.
ثم قال ع:
لا غَرْوَ اِنْ قُتِلَ الْحُسَیْنُ وَ شَیْخُهُ قَدْ کانَ خَیْراً مِنْ حُسَیْن وَ اَکْرَما
فَلا تَفْرَحُوا یا اَهْلَ کُوفَة بِالَّذِي اُصیبَ حُسَیْنٌ کانَ ذلِكَ اَعْظَما
قَتیلٌ بِشَطِّ النَّهْرِ نَفْسي فِداوُهُ جَزاءُ الَّذِي اَرْداهُ نارُ جَهَنَّمـا
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم