(١) يا سيدي العباسُ يا علَمَ التقى
يا ذائداً قد أبهَرَ الأفلاكا ***** عبَّاسُ ما بَرِحَ الخُلُودُ لِواكا
يا شِبْلَ حيدرةَ الفداءِ تحيةً ***** لكَ مِنْ قُلُوبٍ كرَّمَتْ ذِكراكا
ذكراكَ يا بطلَ الطفوفِ علامةٌ ***** للعاشقينَ مدى الزمانِ عُلاكا
والسُؤْدَدُ الوضَّاءُ ينثُرُ عِطرَهُ ***** فالمَكرُمَاتُ غدَتْ عبيرَ ثَراكا
سَقْياً أبا الفضلِ النجيبَ لِموقفٍ ***** نُذِرَتْ بهِ كِرْمَى الحُسينِ يَداكا
فلقد صرَخْتَ وأنتَ طفلٌ ناصراً ***** لبيَّكَ يا ابنَ أبي أجَبْتُ نِداكا
فأنا ابنُ ماجدةِ الأُصولِ ووالدي ***** حامي الرِّسالةِ قائداً ضَحَّاكا
لم يَعْيَ صارمُهُ وِقاءَ نُبوَّةٍ ***** وأنا ابنُ حيدرَ في الطُّفُوفِ وِقاكا
ولقد عَشِقْتُ مَلاحِماً لَمحمدٍ ***** وأبي عليٍّ ذاكرَيْنِ فِداكا
فسأَلْتُ ربّي بالحُسينِ تَقرُّباً ***** رَبَّاهُ أبْلِغْني بهِ مَرضَاكا
بالجُودِ ملحمةُ العطاءِ جميعُها ***** بالتضحياتِ متابعٌ مَمْشاكا
هو ما أرَدْتَ أبا تُرابِ مُعَبِّئاً ***** لغدِ الحُسينِ مُعاضِداً دَكّاكا
لا يعتريهِ الشكُّ يومَ ظليمةٍ ***** جارتَ على سِبطِ النَبيِّ مَلاكا
طُهِّرْتَ نَفْساً يا ربيبَ إمامةٍ ***** أبداً أتاحَتْ نهضةً وحِراكا
دامَتْ بآلِ البيتِ نهجَ مآثِرٍ ***** يَحيا ويرفُضُ حاكماً أفّاكا
أكبَرْتُ أُمَّاً أنجَبَتْكَ مُضحياً ***** دُونَ الكرامِ وقَبلَ ذاكَ أباكا
أعظمْتُ تضحيةً بَذَلْتْ خلالَها ***** بِفَمِ الظَّما يُمناكَ مَعْ يُسْراكا
يا سيدي العباسَ يا قَمَرَ التُّقى ***** يا أُسوةَ المُستَلهِمينَ خُطاكا
يا واهِبَ العُظماءِ إكسيرَ العُلا ***** بفِدىً تخلَّدَ في السَّماءِ سِماكا
وتمثَّلَ الأبطالُ عَزمَكَ طاعِماً ***** جيشَ الطغاةِ بكربلاءَ هَلاكا
مِنّا السلامُ عليكَ با بنَ المُرتضى ***** يا خيرَ مَنْ عشِقَ الكُماةُ وَفاكا
................................
(٢) وتقلّدَ العبّاسُ رايةَ نهضَةٍ
أكبرتُ شِبْلَ المرتضى الكرّارِ ***** عبّاسُ نِبراسٌ من الأنوارِ
أعظمتُ مِعواناً سما بخصالِهِ ***** عَضُداً مُطيعاً ثاقِبَ الإبصارِ
فحلُ المُروءَةِ كابِراً عن كابرٍ ***** صلَّى لمنبَتِهِمْ عظيمُ الدّارِ
فهو ابنُ مَكّةَ والأباطِحِ حَولَها ***** وابنُ المدينةِ مَعقَلِ الأطهارِ
وهو ابنُ مَنْ أهْدَتْ بَنِيها قُربةً ***** لِرضا الإلهِ الواحدِ القهارِ
اُمُّ البنينَ ومَن يوَفِّي قدْرَها ***** في الصبرِ والإيثارِ والإِبرارِ
وهو المُفادِي المُستَنيرُ مناهِضاً ***** ظُلمَ العُصاةِ ودولةَ الفُجّارِ
يومَ الحسينُ بكربلاءَ إذ اعتلى ***** صرحَ الحكومةِ شُذَّذُ الأفكارِ
فتقلّدَ العبّاسُ رايةَ نهضَةٍ ***** خَلَدَتْ معَ الأجيالِ والأخبارِ
فلثورةٌ فُديَتْ بآلِ محمّدٍ ***** لَعظيمةُ الأهدافِ والآثارِ
فبِها الإمامُ هو المضحّي دونَنا ***** بالنّفسِ والأبناءِ والأبرارِ
ليصونَ ديناً صار بالطُّلقا عَمَىً ***** معنىً لكُلِّ ذميمةٍ وشَنارِ
وبها الحسينُ هو الإمامُ المبتَلى ***** بتظاهُرِ الأزمانِ والأمصارِ
إلاّ القليلُ من الأُباةِ تضامنوا ***** ليدافعوا عن صَفوةِِ وذِمارِ
من بيتِ طه المصطفى و وصِيِّهِ ***** وحرائرٍ طَهُرَتْ بإذنِ الباري
أبَتِ النُّبوّةُ والعدالةُ ظلمَهمْ ***** لا مرحباً بِغوائلِ الأشرارِ
يا سيدي العبّاسَ صُغْتَ شهامةً ***** مذ كربلاءَ وَ وَثبةِ الثُوّارِ
يا من علوتَ بكلِّ رايةِ عِزّةٍ ***** في مكرُماتِ الزُّهدِ والإيثارِ
وكتبتَ بالنُّبْلِ المُقدّسِ عِبرةً ***** فَخَرَتْ بها الدّنيا على استِعبارِ
لكَ في البطولةِ والوفاءِ روائعٌ ***** يومَ الطُّفوفِ وهَبَّةِ الأحرارِ
فلقد شققتَ الصفَّ رغمَ جُمُوعِهم ***** ما كان جمعُهُمُ سوى أصفارِ
حتى كأنَّ غريمَهُمْ جيشٌ علا ***** واذاقَ جحفلَهُم لَظَى الإدبارِ
يا سَيّدي العَبّاسَ جِئْتُكَ ظامِياً ***** هَلاّ سَقَيْتَ بِشِرْبَةِ الأَسْرارِ
بيدٍ مطهرَّةٍ تعالَتْ مَعلَماً ***** للجُودِ فـي يُسْـرٍ و فـي إعْسَارِ
مِنْ راحَتَيْكَ أحاطَتا بشريعةٍ ***** ماءٍ تُطيِّبُ شِربَةَ الأحجارِ
لكِنّما النّفْسُ الأبيَّةُ أهْمَلتْ ***** ماءَ الفُراتِ السَلْسَبِيلِ الجاري
فَاْبنُ البَتُولِ وآلُهُ عَطْشَى فلا ***** شِربٌ يطيبُ وثَمَّ مَوتٌ سارِ
هانَ الفُراتُ وماؤهُ وزلالُهُ ***** كرمَى الحسيـنِ وعترةِ المختارِ
ومضيتَ تَحْمِلُ قِربَةَ ملآنةً ***** رِيّاً إلَى الأزهارِ والأشجارِ
فأتاكَ غَدْراً قاتلٌ ومعانِدٌ ***** منعَ المياهَ بغَيْلَةِ الغُدَّارِ
و تَناهَشَتْكَ زواحِفٌ وَحشيّةٌ ***** ترمي السُمومَ بطعنَةِ البتَّارِ
فَسَقَطْتَ مَحزُوناَ صَرٍيعَاً حَيْثُ لَمْ ***** تَبْلُغْ مُنَى إسْقاءَةِ الأزهارِ
قَدْ كانَ عبّاسٌ مَنارا لِلتُّقَى ***** والمُتّقُونَ صنائعُ الغَفّارِ
عَطِشَ الحُسَينُ وصَحْبُهُ وَ عِيالُه ***** في كربلاءَ العُسْرِ والاِضْرارِ
ليقولَ أهلاً بالشّهادةِ مرحباً ***** لِحراسة الإسلامِ والأَذكارِ
يا سَيّدي العَبّاسَ جُودُك خالِدٌ ***** وَلْيذْكُرِ التاريخُ ذو الأخْبارِ
فَاْلفَضْلُ من شِيَمِ النفوسِ أصالةً ***** والجودُ ليس يداً فحسبُ تُدارِي
بكَ استَجِيرُ لِغُربَتِيِ وَ حَشَاشَتِي ***** يا نِعْمَ مَسْؤولٍ وخَيرَ جوارِ
يا أيها السّاقِي عَطاشى كَربَلا ***** قُبِلَ الصَّنِيعُ بِحَضْرةِ الجَبّارِ
هذا ضَريحُكَ عالَمٌ يَطْفُو عَلَى ***** مُقَلِ السَّمَاءِ وَ جَنّةِ الأَنْهارِ
................................
(٣) اُمُّ البنينَ أبيَّةٌ خلُدَتْ
ابيات قليلة في السيدة فاطمة بنت حزام الشهيرة بلقب ام البنين (عليها السلام)
واسَتْ بِبَحْرِ الجُودِ والكرَمِ ***** سِبْطَ النبيِّ وقائدَ الاُمَمِ
اُمُّ البنينَ أبيَّةٌ خلُدَتْ ***** بِوَفاءِ أبناءِ الإبا القِمَمِ
وَلنَجْلُها العبّاسُ مُعجِزَةٌ ***** في البذْلِ والإقدامِ والشِّيمِ
عظُمَتْ مناقبُها وقد ولَدَتْ ***** طُهْرَ البنينَ وذادةَ الذِّمَمِ
هي اُسوةٌ للصبرِ مدرسةٌ ***** لحراسةِ الاسلامِ والقيَمِ
منها استمدَّتْ اُمةٌ بذلَتْ ***** خيرَ البنينَ لدفعِ مُهتضِمِ
فهي التي برَّتْ إمامَ هُدىً ***** بولائِها المتعاظِمِ العَلَمِ
صلّى عليها اللهُ سيِّدةً ***** ظفرَتْ بكلِّ مَفاخرِ الشيمِ
بقلم الکاتب والاعلامي حميد حلمي البغدادي