اطلالة على الذكرى : ليلة المبيت وفضيلتها في الاسلام

الأربعاء 30 أكتوبر 2019 - 06:30 بتوقيت غرينتش
اطلالة على الذكرى : ليلة المبيت وفضيلتها في الاسلام

اسلاميات _ الكوثر: ليلة المبيت هي اسم الليلة التي بات فيها عليّ بن أبي طالب في فراش الرسول حفاظاً عليه.

 

عندما أحسّ كفّار قريش بخطر الإسلام والدعوة السماوية وتزايد المسلمين يوماً بعد يوم، اجتمعوا في‌ دار الندوة‌ ليتّخذوا قراراً لقمع الدين، فطرحوا ثلاث خطط إما أن يقتلوا النبي، أو يلقوه في السجن بحيث لا يتمكن أيُّ شخص من رؤيته والحديث معه، أو يقوموا بإبعاده عن أرض الحجاز. وبعد مناقشات‌ طويلة‌، صمّموا علی‌ قتل‌ النبّي‌، فاختاروا من‌ كلّ قبيلة‌ رجلاً للإشتراك‌ في‌ قتله‌، حتى يضيع‌ دمه بين‌ القبائل‌، و لا يستطيع‌ بنو هاشم أن‌ يحاربوا كلّ هذه‌ القبائل‌ فيقتنعوا بالديّة‌، فلا يضيرهم‌ أن‌ يسلّموا الدية‌ إلی‌ بني‌ هاشم‌. فجاء أربعون شخصاً من مختلف قبائل العرب يتصفون بالشجاعة والمهارة، فأحاطوا ببيت الرسول ليلاً، ثمّ تسلّقوا الجدار أو نفذوا من كوة فيه وانتظروا حتّى تحين الفرصة المناسبة لقتل النبي.

و كما جاء في كتاب بحار الأنوار أنّه نزل‌ جبرائيل على رسول الله وأطلعه‌ علی‌ الأمر، وتلا هذه الآية علیه‌:

« وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ  »

فأمره أن‌ يهاجر إلی‌ المدينة ويترك‌ علیاً مكانه‌، فأرسل‌ الرسول‌ إلی‌ علي بن أبي طالب وقال‌ له‌: يا علي، انّه‌ قد أوحي‌ إليّ جبرائيل عن‌ ربّي‌ عزّوجل‌ أن‌ أهجر دار قومي‌، و انّه‌ أمرني‌ أن‌ ءامرك‌ بالمبيت‌ علی‌ مضجعي‌ لتخفي‌ بمبيتك‌ علیه‌ أثري‌، فما أنت‌ قائل‌ أو صانع‌؟

فقال‌ علی : أو تسلمنّ بمبيتي‌ هناك‌ يا نبيّ الله‌ ؟

فقال النبيّ : نعم يا عليّ،

فتبسّم‌ علی ضاحكاً، فسجد شكراً لله تعالى، ويقال أنها أول سجدة شكر كانت في الإسلام.

حاصر المشركون بيت الرسول من أول الليل، ليَهجموا عليه في منتصف الليل ولكن منعهم أبو لهب من ذلك خوفاً من أن تقع يد خاطئة. فصبروا حتى طلوع الفجر وربما يقال أن علّة التأخير هي أنهم أرادوا أن يقتلوا الرسول عند الصباح أمام أعين بني هاشم حتى يروا أن قاتله جماعة وليس واحداً. ثم تمكن الرسول من الخروج من الدار دون أن يتمكنوا من ملاحظته وهو يقرأ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ   وينثر التراب على رئوسهم وهم لايشعرونحتّى إذا برق الفجر، فانتضوا السيوف ووَثبوا إلى الحجرة وقصدوا الفراش وإِذا بهم يواجهون علياً يثب في وجوههم وهو يكشف عن نفسه برد رسول اللّه الأخضر، وقال لهم في منتهى الطمأنينة والشجاعة: ما شأنكم؟ وماذا تريدون؟؟

فقالوا له بغضب: أين محمّد؟

فقال: اَجعلتموني عليه رقيباً؟!

ففشلت مؤامرتهم ووجدوا انفسهم أمام هزيمة نكراء بدّدت كلّ أحلامهم، فأقدموا فوراً على ملاحقة الرسول حيث كانوا يظنون أنّه لا يستطيع الخروج عن حدود مكة في مثل تلك المدة القصيرة فهو إِما مختبئ في مكة، أو أنه لا يزال في طريق المدينة. في حين خرج النبي من مكّة متستّراً وتحرّك إلى جهة الجنوب على عكس مسير المدينة حتّى وصل إلى غار ثور، وبعد أن يأس الأعداء من العثور عليه تحرّك إلى المدينة ووصل إليها بسلام.[7]

وحين كان الرسول في طريق المدينة أنزل الله عليه الآية التالية في شأن علي بن ابي طالب

« وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ  »